مدونة المصلي >> إيمانيات

وكُلَّ شيء أحصيناه كتابًا!

وكُلَّ شيء أحصيناه كتابًا!
2022‏/09‏/28
33٬592

استطاع الإنسان صُنعَ آلاتٍ تسجِّل صورة الشيء وحركته وصوته، والحقيقة أن هذه الاختراعات تسوقنا إلى التأمل في أحوال الناس يوم القيامة وما أخبر الله به من إحصاء كل شيء وعَرضه في ذلك اليوم العظيم.

فأمَّا على المستوى المسموع؛ فإن قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] لا ينافي العلم الحديث، فنحن نعرف قطعًا أن أحدًا عندما يحرك لسانه ليتكلم يحرِّك موجات الهواء، وقد ثبت أن هذه الموجات تبقى كما هي في الفضاء إلى الأبد بعد حدوثها للمرة الأولى، ومن الممكن سماعها مرة أخرى، ولكنَّ عِلمَنا الحديث عاجز -حتى الآن- عن أن يضبط هذه الموجات مرةً أخرى مع أنها لا تزال تتحرك في الفضاء منذ زمن بعيد. ولم يُبْدِ العلماء اهتمامًا خاصًّا بهذا المجال -حتى الآن- بعد أن سَلَّموا نظريًّا بإمكان صُنعِ آلةٍ لالتقاط أصوات الناس الذين عاشوا في الأزمنة الماضية، كما يلتقط المذياع الأصوات التي تذيعها محطات الإرسال، على أن التحدِّيَ الأكبرَ الذي يواجهنا في هذا الصَّدد ليس التقاط الأصوات القديمة، وإنما التمييز بين الأصوات الكثيرة كي نتمكن من سماع كل صوت على حِدَة، وهذه مُشابِهة لمحطة الإذاعة؛ فإن آلاف المحطات الإذاعية في العالَم تذيع برامج كثيرة في طوال اليوم وتمرُّ موجات هذه البرامج في الفضاء في كل اتجاه بسرعة فائقة، وكان من المعقول جدًّا عندما نفتح المذياع أن نسمع خليطًا هائلًا من الأصوات لا نفهم منه شيئًا، ولكن هذا لا يحدث لأن محطات الإذاعة جميعها ترسل برامجها على موجات يختلف طولها، فنستطيع أن نسمع أي موجة كانت من المذياع بمجرد أن ندير عقربه إلى المكان المطلوب.

وأمَّا على المستوى المرئي؛ فإن البحوث العلمية أثبتت أن كل شيء يحدث في الظلام أو في النور، ساكنًا كان أم متحركًا، تصدر منه حرارة بصفة دائمة في كل مكان وفي كل حال، وهذه الحرارة تعكس الأشكال وأبعادها تمامًا، وقد تم اختراع آلة دقيقة لتصوير الموجات الحرارية التي تصدر عن كل كائن، ثم تعطي هذه الآلة صورةً فوتوغرافيةً كاملةً له؛ وقد بدأ العلماءُ في بريطانيا وأمريكا استغلالَ هذه الآلة في تحقيقاتهم؛ فذات ليلةٍ حَلَّقت طائرةٌ مجهولةٌ في سماء نیویورك فصوَّروا الموجات الحرارية لفضاء نيويورك بهذه الآلة وأدى ذلك إلى معرفة نوع الطائرة. ولقد أُطلِق على هذه الآلة اسم "آلة التصوير الحرارية"، ونشرت جريدة "هندوستان تايمز" الهندية تعليقًا بمناسبة هذا الاختراع قالت فيه: "إننا بفضل هذه الآلة سوف نستطيع أن نشاهد تاريخنا على شاشة السينما في المستقبل".

ويُعدُّ هذا الاختراع عجيبًا كل العَجَب؛ إذ إن تحركاتنا جميعها تُسجَّل على شاشة الكون حيث لا يَسَعُنا منعها أو الهروب منها، سواء كُنَّا في الظلام أو في النور، فحياتنا كالقصة التي تُصوَّر في الأستوديو ثم نشاهدها على الشاشة بعد حِقَبٍ طويلةٍ من الزمن وعلى بُعدٍ كبيرٍ من مكان التسجيل!

ولا شكَّ أننا لا نقارن عِلم الله تعالى بعِلم البشر واختراعاتهم وتطوُّرهم؛ لأن الإنسان مهما تقدَّم عِلمه وتطوَّرت اختراعاته وآلاته فستظل ناقصةً ومُعرَّضةً للأخطاء والأعطال والقصور، بينما عِلم الله تعالى لا يُخطئ أبدًا ولا يتعطَّل ولا يُصِيبه القصور أو الخَلَل -سبحانه جلَّ جلاله-، لكن هذه الاختراعات والآلات البشرية تنقل لنا تصوُّرًا صغيرًا عمَّا سيحدث يوم القيامة من مشاهدة الإنسان ما اقترفَ وقدَّمت يداه؛ قال الله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49]، وقال تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية:28، 29] فإن هذه الآيات تخبرنا أن فيلمًا تسجيليًّا ناطقًا ومُصوَّرًا سوف يوضع بين يَدَيْ كل إنسان يوم القيامة، وأن أعمالنا كلها مُسجَّلة بدقة تامة، وأن يوم القيامة هو المحكمةُ الإلهيةُ العظيمةُ العادلةُ التي لا يُمكن التزوير فيها أبدًا.

نسأل الله أن يسترنا بستره الجميل، وأن يجعلنا من عباده المتقين الذين يسرُّهم ما يرونه يوم القيامة، وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

شارك تلك الفائدة مع أحبابك؛ فإن الدال على الخير كفاعله

مقالات متعلقة

2022‏/09‏/26
31٬470

احذر أن تضيع شفاعة يوم القيامة بهذا الفعل!

إن الشفاعة يوم القيامة منزلة عظيمة، لكن مع الأسف قد يحرم منها البعض! اضغط هنا وتعرف على السبب

2022‏/09‏/27
38٬662

حتى يطمئن قلبك!

مع كثرة مشاغل الحياة وتراكم المشاكل على الإنسان في يومه، ينشغل باله، وتتكدر نفسه، ويغتم قلبه، وإذا بأمر واحد إن فعله أزال الله عنه كل ما نزل به واطمئن قلبه! انقر هنا وتعرف عليه

مع تطبيق المصلي تعرف على المساجد القريبة أينما كنت بمنتهى الدقة

حمل المصلي الآن

مدار للبرمجة © 2022 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة