ضيقها يشتّت العقل، ويشغل القلب بالهمّ، والحزن، وضيق النفس، فينشغل عن كثير من العبادات النافعة، والمصالح المهمّة، وتضمّن هذا الدعاء كذلك سؤال اللَّه الراحة النفسية، والبدنية، وطيب النفس والحياة
عن أنس رضي الله عنه، أنه كان مع رسول الله ﷺ جالسًا ورجل يصلي، ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد دعا الله باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى
قال ﷺ: «فعضلت بالملكين، فلم يدريا كيف يكتبانها» أي هذه الكلمات اشتدت على الملكين، فلم يعلما مقدار ما يكتب لصاحبها أو لقائلها من الثواب والأجر، مع أن الملائكة الكتبة يعلمون جيدًا كيف يكتبون أجور الأعمال؛ لكن حينما أرادوا تقدير ثواب هذا الحمد عجزوا عن تقديره، لأن أجرها عظيم لا يعلمه إلا الله تعالى.
كلمات عظيمة ينبغي على المسلم أن يتعلمها، وأن يحرص على قولها عندما يصاب بالحزن أو الهم أو الغم، وليعلم كذلك أن هؤلاء الكلمات إنما تكون نافعةً له إذا فهم مدلولها وعمل بما دلت عليه.
ذكرٌ عظيمٌ ودعاءٌ مبارَكٌ مشتملٌ على أصول الإيمان وأُسُسِ الدِّين وحقائق الإسلام، وفيه التوسُّلُ إلى الله بحمده والثناء عليه والإقرار بعبوديته
جمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله والتوسل إلى ربه عز وجل بفضله وجوده، وأنه المنفرد بغفران الذنوب، ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معًا، فهكذا أدب الدعاء وآداب العبودية
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8]. فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد تضمنت سؤال المؤمنين ربهم تثبيت الإيمان في قلوبهم ومنحهم المزيد من فضله وإنعامه وإحسانه. قال ابن كثير: أي: لا تملها عن الهدى بعد إذ أقمتها عليه، ولا تجعلنا كالذين في قلوبهم زيغ، الذين يتبعون ما تشابه من القرآن؛ ولكن ثبتنا على صراطك المستقيم، ودينك القويم.
أوتي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم وهذا الحديث اشتمل على أدعية عظيمة وجامعة لخيري الدنيا والآخرة، والأدعية النبوية هي أشرف الأدعية؛ لما تشتمل عليه من المعاني السامية، والمطالب العالية، وما فيها من شرف الألفاظ، وجمع المعاني الكثيرة بالجمل القليلة
فيه إشارة لما ينبغي عليه المؤمن من الخوف من العذاب، مع الرجاء، فيجمع بين الترغيب والترهيب كالجناحين للطائر، وأن العبد ينبغي له أن لا يغترّ بعمله مهما كان صالحًا، فهم مع كل هذه الصفات الجليلة يخافون من عذابه، ويبتهلون إليه تعالى لكي يصرفه عنهم، غير مغترّين بأعمالهم، وهذا من حسن العبادة، وكمالها.