حُسن الظن بالله عبادة

أولًا: معنى حُسن الظن بالله:

هو قوة اليقين بما وعد اللهُ تعالى عبادَه من سعة كرمه ورحمته، ورجاء حصول ذلك. والاعتقاد الجازم بأنه سبحانه جَوَاد كريم غفور رحيم، وأنه يتوب على عباده إذا تابوا إليه، وأن فضله عظيم.

ثانيًا: فَضْل حُسن الظن بالله:

قال النبي ﷺ: «‌إنَّ ‌حُسْنَ ‌الظَّنِّ ‌بِاللهِ ‌تَعَالَى ‌مِنْ ‌حُسْنِ ‌العِبَادَةِ» [حديث حَسن، رواه الترمذي (3679)]، وقال الله تعالى في الحديث القدسي: «‌أَنَا ‌عِنْدَ ‌ظَنِّ ‌عَبْدِي ‌بِي، ‌إِنْ ‌ظَنَّ ‌بِي ‌خَيْرًا ‌فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» [صحيح الجامع للألباني (4315)] ومعنى الحديث: أن الله تعالى يعامل العبد حسب ظنه به سبحانه، وأن الله تعالى يفعل بالعبد ما يتوقَّعه منه من خير أو شر؛ ولذلك قال العلماء: إن الظن ظنَّان؛ ظنٌّ يُنَجِّي، وظنٌّ يُهلِك.

وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "‌وَالَّذِي ‌لَا ‌إِلَهَ ‌غَيْرُهُ‌‌ ‌مَا ‌أُعْطِيَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تعالى، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ بِاللَّهِ تعالى الظَّنَّ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ ظَنَّهُ؛ ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَيْرَ فِي يَدِهِ سبحانه" [أخرجه ابن أبي الدنيا في: حُسن الظن بالله].

وعلى النقيض؛ فإن مَن ظَنَّ بالله سوءًا، وقنط من رحمته، ويئس من رَوْحه؛ فقد أَحبطَ عَملَه وأَردَى نَفسَه؛ قال تعالى: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر:56]، وقال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87] فمَن ظن أن اللهَ مُهلِكُه أو ظالمه أو بَخَسَه حقه ولم يُعطِه ما سأله أو سَلَّط عليه المصائب والمِحَن والبلايا والنِّقَم؛ فقد أساء ظنه بخالقه.

ثالثًا: المواقف التي يتأكد فيها حُسن الظن بالله:

- عند الأزمات، والمصائب، والتضحيات، وكثرة الفِتَن، وتقلُّب الأمور، وغَلَبة الديون، وضيق العيش ونحو ذلك؛ حيث قال النبي ﷺ: «‌مَنْ ‌نَزَلَتْ ‌بِهِ ‌فَاقَةٌ ‌فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ» [حسَّنه الترمذي في سُننه (2326)].

- عند الدعاء؛ فمَن كانت علاقته بالدعاء قوية هانت عليه المصائب، وتيسَّرت له السُّبل، وبُورِك له في كل شيء يسلكه؛ حيث قال النبي ﷺ: «لَا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ ‌لَنْ ‌يَهْلِكَ ‌مَعَ ‌الدُّعَاءِ ‌أَحَدٌ» [صحيح ابن حبان (463)]، وقال ﷺ أيضًا: «‌ادْعُوا ‌اللَّهَ ‌وَأَنْتُمْ ‌مُوقِنُونَ ‌بِالإِجَابَةِ» [حسَّنه الألباني في صحيح الجامع (245)].

- عند التوبة؛ حيث يوقن المسلم بسعة رحمة الله، وأنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

- عند الاحتضار؛ حيث قال النبي ﷺ: «لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رواه مسلم (2877)]؛ قال إبراهيم النخعي: "كانوا يستحبون أن يُلقِّنوا العبد محاسن عمله عند موته؛ كي يُحسِن الظن بربه".

مرض أعرابي فقال له الطبيب: إنك ستموت، فقال: ثم إلى أين سأذهب؟ قال إلى الله، فقال: ما كراهتي أن أذهب إلى مَن لا أرى الخير إلا منه؟!

رابعًا: التطبيق الصحيح لحُسن الظن بالله:

حُسن الظن بالله لا يعني أن يقيم العبد على المعاصي ليلًا ونهارًا ويُحسِن الظن بالله أنه سيغفرها له بلا توبة، وإنما حُسن الظن يكون بعمل ما يحبه الله، فيعمل الصالحات ويُحسِن الظن بالله أنه سيتقبلها منه، ويتوب من المعاصي ويُحسِن الظن بالله أنه سيقبل توبته؛ أمَّا حُسن الظن بالله والإتيان بعكسه في نفس الوقت فهو أقرب إلى الاستهزاء بالله -والعياذ بالله-؛ لأن فيه ظنًّا بأن الله يرضى بالذنوب والمعاصي والمُحرَّمات؛ فيجب على المسلم أن يتعامل مع حُسن الظن بالله أنه باب للتوبة والعمل الصالح، وليس بابًا للمعاصي والتجرُّؤ على الله تعالى! 

شارك تلك الفائدة مع أحبابك؛ لعلها تكون سببًا في نجاة أحدهم!

المصادر:

فتاوى ابن باز 

إسلام ويب (الشبكة الإسلامية)

 الإسلام سؤال وجواب

شبكة الألوكة.