حياة النبي ﷺ مع الدعاء

من ‌فضل الله ‌تبارك تعالى ‌وكرمه ‌أن ‌ندب ‌عباده ‌إلى ‌دعائه، ‌وتكفل لهم بالإجابة تفضلاً منه ورحمة.

فقال تعالى ﴿وقال ربكم ادعوني ‌أستجب ‌لكم ﴾ (غافر٦٠). وهذا أمر بالدعاء ووعد بالإجابة.

وقال تعالى: {وادعوه خوفًا وطمعًا إن رحمة الله قريب من المحسنين}. [الأعراف: 56].

وقال ﴿‌ادعوا ‌ربكم ‌تضرعًا ‌وخفية ‌إنه ‌لا ‌يحب ‌المعتدين (٥٥) ﴾ الأعراف.

ولقد كان أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع الدعاء والتضرع والابتهال إلى الله تعالى عجيبًا، بل كانت حياته تضرع ودعاء واستغاثة ورجاء،كيف لا والدعاء هو العبادة.

انظر إلى دعائه وتضرعه يوم بدر:

عن ‌عمر بن الخطاب قال: « لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة ‌من ‌أهل ‌الإسلام ‌لا ‌تعبد ‌في ‌الأرض. فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} فأمده الله بالملائكة. صحيح مسلم (1763)

انظر إلى تضرعه ودعائه في الصلاة: « كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. اللهم أنت الملك، لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت. لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك. أنا بك وإليك. تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.

وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت ‌وبك ‌آمنت ‌ولك ‌أسلمت، ‌خشع ‌لك ‌سمعي ‌وبصري ‌ومخي ‌وعظمي ‌وعصبي.

‌وإذا ‌رفع ‌قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد.

وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت. سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين.

ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني. أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت » مسلم (771)

وكان إذا تهجد من الليل قال: «اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت قيم السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك ‌الحق، ‌ولقاؤك ‌الحق، ‌والجنة ‌حق، ‌والنار ‌حق، ‌والنبيون ‌حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت». صحيح البخاري (7060).

ويقول لفاطمة: «ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: ‌يا ‌حي ‌يا ‌قيوم ‌برحمتك ‌أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين». صحيح الترغيب (661)

فالمؤمن إذا نزلت به نازلة يأخذ بالأسباب لدفعها، ثم يلتجأ إلى ربه بالتضرع والدعاء ‌{أمن ‌يجيب ‌المضطر ‌إذا ‌دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون (62) }سورة النمل (62).

فعند اشتداد الكرب قل يا الله
عند تكالب الأعداء على أمة الإسلام قل يا الله

عند اشتداد القتل للأطفال والنساء والعزل والشيوخ قل يا الله

عند تداعي الأمم علينا بسبب إسلامنا، قل يا الله
الزموا الدعاء وأكثر وا من الدعاء لإخوانكم المستضعفين في كل ربوع الأرض وفي القلب منها فلسطين.
ولا تنسوا الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ خاصة يوم الجمعة، وتذكروا أن الصلاة على النبي ﷺ سبب لإجابة الدعاء، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( إِنَّ الدُّعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، لا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). سنن الترمذي بسند حسن.

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أنشر ولكم الأجر.