
يحزن الإنسان منا حينما يرى ما نزل بإخوانه بسبب الزلزال الأخير، ويعتصر قلبه الألم والحسرة على المصابين والضحايا، رحمهم الله.
لكن هناك جانب مهم آخر لا بد وأن نتطرق إليه، وهو لماذا يرسل الله عز وجل هذه الزلازل، وغيرها من الآيات الكونية، مثل: السيول والفيضانات، الكسوف والخسوف، الرعد والبرق والأعاصير، البراكين، كل هذه الآيات الكونية العظيمة يدرك المؤمن معناها حينما يقرأ قول المولى عز وجل: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59].
قال قتادة: وإن الله يخوّف الناس بما شاء من آية لعلهم يعتبرون، أو يذكَّرون، أو يرجعون، ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود، فقال: يأيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه. تفسير الطبري (17/ 478).
انظر بقلبك كيف فهم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الآية الكريمة، فقد انصرف تفكيره مباشرة إلى أن الله عز وجل يستعتبنا، دون أن يتطرق رضي الله عنه إلى الأسباب المادية والكونية لهذه الآيات، وإنما انصرف بتفكيره إلى الاعتبار والتذكرة والاعتراف.
فهذه الآيات الكونية العظيمة هي رسائل من المولى عز وجل لنا كي نراجع أنفسنا ونعالج قسوة قلوبنا، فأمام هذه المشاهد الأليمة لآثار الزلزال لا بد وأن يتحرك القلب، وأن يلهج اللسان بذكر الله تارة والدعاء لإخوانه أخرى، فهذه المشاهد الأليمة كان يخر منها أولياء الله خوفًا ورجفةً، فلا نريد أن تكون قلوبنا غريبة على هذه المشاعر.
إن حبيبنا ﷺ كان إذا رأى الغيم والريح تغير وجهه، ويقول: «يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ، فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا». صحيح البخاري (4829).
فقلب المؤمن تجاه هذه الآيات قلب متفاعل معها، يرجع على نفسه باللائمة ليتوب، ويحزن لحال إخوانه ويدعو لهم.