دروس إيمانية من بناة الكعبة!

الدعوة الأولى: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

فبالرغمِ من أنهما نَبِيَّان، ويقومَانِ بعملٍ شاقٍّ وفيه الأجرُ العظيمُ؛ فإنهما دَعَوَا اللهَ أنْ يتقبَّلَ منهما ذلك العملِ.

الدعوة الثانية: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.

ثَمَّةَ فَرقٌ كبيرٌ بين إنجازِك التكليفَ بحُبٍّ وبين إنجازِك التكليفَ كَي تتخلَّصَ من عِبْئِه؛ إذ يَدعُوَان: يا ربِّ أنت كَلَّفْتَنا بشيءٍ وقد أنجزْنَاه، لكننا لم نَكْتَفِ بذلك؛ لأننا نريدُ أن نذوقَ حلاوةَ التكليفِ منك مراتٍ ومراتٍ. فهذان النَّبِيان يَرغبَانِ في فتحِ أبوابِ التكليفِ لهما؛ لأنَّ في التكليفِ تكفيرًا للسيئاتِ ورِفعةً للدرجات.

الدعوة الثالثة: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ}.

يَدعُوَان أن يبعثَ اللهُ في ذريتِهما رسولًا يُبلِّغُهم منهجَ السماء؛ كي لا يَعُمَّ الفسادُ والكُفرُ في الأرضَ.

وهكذا ينبغي أنْ تَكُونَ أنت مع ربِّك؛ تَدعُوهُ دائمًا بقَبُولِ العملِ، ولا تَغْتَرَّنَّ بعمَلِك مَهْما بَذَلتَ فيه ومَهْما كان عظيمًا عندَ اللهِ؛ لأنك لا تَدري أيها المسكينُ، فرُبَّما يَشُوبُه رياءٌ أو عُجبٌ فيجعله اللهُ هَباءً منثورًا يومَ القيامة.

وادعُ اللهَ أن يفتحَ لك أبوابَ الخيرِ والعملِ الصالحِ، وأَطلِقِ العِنانَ لنفسِك لِلْوُلوجِ فيها؛ فإنَّ الحسناتِ يُذهِبْنَ السيئاتِ، والفائزُ مَن وفَّقه اللهُ للخيرِ والعبادةِ والتكليفِ، والمحرومُ مَن حُرِمَ ذلك. وادعُ اللهَ أن يتوبَ عليك ويغفرَ لك تقصيرَك أثناءَ أدائِك التكليف، فلن يَدخُلَ أَحَدٌ الجنةَ بعَمَلِه، وإنما برحمةِ الله سبحانه.

وادعُ اللهَ دائمًا أنْ يُعلِّمَ الجاهلَ وأن يَهْدِيَ الضَّالَّ وأن يَسُوقَ للناسِ الخيرَ أينما وُجِدُوا، وأن تَكُونَ أنت بنفسِك داعيًا حَسْبَمَا وَضَعَك اللهُ، وأنْ تُعَلِّمَ الناسَ الخيرَ وترشدهم إلى طريقِ الجنةِ.

شارِك تلك الفائدة؛ ففيها الخير الكثير لأحبابك.