
يحدث كسوف للشمس اليوم بإذن الله تعالى، ويكون على أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية، ويشمل غالبية الوطن العربي، والمسلم له نظرة مميزة في تعامله مع هذه الظواهر الكونية، فهو لا يراها مجرد ظواهر طبيعية مجردة من أي معنى، بل ينظر إليها من منظور أعلى وأسمى كما علمه النبي ﷺ.
فحدوث كسوف الشمس هو آية من الله عز وجل، تستدعي منا الوقوف والتدبر، فهذه الشمس التي تسطع كل يوم، والتي يرتبط التغير في ناموسها بقيام الساعة، حيث لا تقوم الساعة حتى تشرق الشمس من مغربها، يستدعي منا استحضار معنى قيام الساعة، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: خسفت الشمس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فزعًا، يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد، فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله، وقال: «هذه الآيات التي يرسل الله، لا تكون لموت أحد، ولا لحياته، ولكن يخوف الله به عباده، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك، فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره». متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1059) , واللفظ له، ومسلم برقم (912).
انظر كيف أن النبي ﷺ قام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، وهو من هو ﷺ، لأن كسوف الشمس مشهد عظيم مُرَوِّعٌ تَرْتَعِدُ له قلوب المؤمنين وتنزعج منه أفئدة المتقين؛ لأنَّ الدَّافِعَ لِلْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ هُوَ تَخْوِيفُ الْعِبَادِ وليس أمورًا فلكية عادية طبيعية فقط.
لذا يجب علينا أن نحرص في ساعات كسوف الشمس على الفزع إلى الصلاة، والدعاء والاستغفار والإكثار من ذكر الله، وقد ورد عن النبي ﷺ أن أمر أصحابه بالتعوذ من عذاب القبر، والصدقة، فكل هذه أعمال مشروعة وقت كسوف الشمس حتى ينجلي هذا الكسوف، وتكون الصلاة بتضرع وخشوع وتذلل لله عز وجل، مع استحضار مشاهد يوم القيامة وقيام الساعة فإن هذا أدعى لحضور القلب.
وكانت صفة صلاته صلى الله عليه وسلم في الكسوف هي: في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان، فكان صلى الله عليه وسلم يكبر للصلاة ويقرأ قراءة طويلة، ثم يكبر للركوع ويقوم من الركوع، ولا يسجد وإنما يقرأ قراءة طويلة أقل من الأولى، ثم يكبر للركوع ويقوم منه ويسجد ثم يجلس بين السجدتين، ويسجد السجدة الثانية، ثم يقوم للركعة الثانية، ويفعل فيها مثل الأولى، كما ورد في صحيح البخاري (1046).
ولو صلى صلاة الكسوف ركعتين كصلاة التطوع، أي بركوع واحد، صح، ولو صلاها بست ركوعات في كل ركعة ثلاث ركوعات صح، فكل ذلك قد وردت به السنة.
ويبتدأ وقت صلاة الكسوف من بداية حدوثه وحتى انتهائه، وسيكون في الوطن العربي بإذن الله من بعد صلاة الظهر وحتى ينجلي حسب كل دولة بإذن الله، فلنفزع إلى الصلاة حينها ولنكثر من دعاء الله واستغفاره، ويمكنكم أحبتنا الاستفادة من أوراد الدعاء بنافذة الدعاء، فقد أرودنا بها صحيح دعاء النبي ﷺ ولله الحمد.
لا تجعلوا هذه الأوقات تمر دون طاعة...
شاركوا الفائدة مع أحبابكم ودلوهم على هدي النبي ﷺ حين كسوف الشمس، فهي آية عظيمة من ربنا سبحانه...