
التكبُّر نوعان:
الأول: التكبُّر على الله أو الرُّسُل أو الشرع؛ وهو ليس محل حديثنا لأنه كُفرٌ -والعياذ بالله-.
الثاني: التكبُّر على الخَلْق أو الحق، وهو من أكبر الكبائر.
قال الله تعالى في الحديث القدسي: «الكِبرياءُ رِدَائي والعَظَمةُ إزَارِي، فَمَن نازعَني واحدًا مِنْهُمَا قَذَفتُهُ في النَّارِ» [صحيح أبي داود (4090)].
وقال النبي ﷺ: «احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ؛ فقالتِ النَّارُ: فيَّ الجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقالَتِ الجنَّةُ: فيَّ ضُعَفاءُ النَّاسِ ومَسَاكِينُهُمْ، فَقَضَى اللَّه بيْنَهُمَا: إِنَّكِ الجَنَّةُ رَحْمَتي، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ؛ وإِنَّكِ النَّارُ عذَابي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ؛ ولِكِلَيْكُما عليَّ مِلْؤُها» [صحيح مسلم (2846)].
وقال النبي ﷺ: «ألا أُخْبِرُكُمْ بأَهْلِ النَّارِ؟ قالوا: بَلَى، قالَ: كُلُّ عُتُلٍّ جَوّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» [صحيح مسلم (2853)]؛ «عُتُلٍّ»: هو غليظ الطبع بذيء اللسان. «جَوَّاظٍ»: هو المُختَال في مِشْيته سَيِّئ الخُلُق. «مُسْتَكْبِرٍ»: هو المتكبر على الناس.
وقال ﷺ أيضًا: «بيْنَما رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ يَمْشِي في بُرْدَيْهِ، قدْ أعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ؛ فَخَسَفَ اللَّهُ به الأرْضَ» [صحيح مسلم (2088)] «بُرْدَيْهِ»: مَلابسه.
ومِن عدل الله تعالى أن جعل جزاء المتكبرين يوم القيامة مُماثِلًا لعملهم في الدنيا؛ حيث يُبعثون في أهْوَنِ وأذَلِّ وأحقَرِ صورة؛ قال النبي ﷺ: «يُحشَرُ المتَكَبِّرونَ يومَ القيامةِ أمثالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجالِ، يغشاهمُ الذُّلُّ من كلِّ مَكانٍ، يُساقونَ إلى سجنٍ في جَهَنَّمَ يسمَّى بُولَسَ، تعلوهُم نارُ الأَنْيارِ، يُسقونَ من عُصارةِ أَهْلِ النَّارِ» [صحيح الترمذي (2492)]؛ «أمثالَ الذَّرِّ»: النمل الصغير. «الأَنْيارِ»: جمع نار، وأضيفت إليها النار لبيان شدة الحَرِّ والإحراق.
وتَجدُرُ الإشارة هنا إلى أن الاهتمام بحُسن المظهر وارتداء الملابس النظيفة الجميلة ليس من الكِبر في شيء؛ لقول النبي ﷺ: «لا يدخلُ الجنَّةَ مَن كانَ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ مِن كِبرٍ»، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، فقالَ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وغَمْطُ النَّاسِ» [صحيح مسلم (91)]؛ «بَطَرُ الحَقِّ»: هو رَفْضُ الحق والبُعد عنه استكبارًا واستعلاءً. «غَمْطُ النَّاسِ»: احتقارهم وازدراؤهم والتكبُّر عليهم.
فينبغي على المرء أن يتذكر دائمًا أن أصل خِلْقته كان من ماء مَهِين، وأنه خرج من بطن أُمِّه ضعيفًا لا حول وله ولا قوة، وأنه من شدة ضَعفه كانت أُمُّه تزيل عنه الأذى والقَذَر، وأن الله تعالى هو الذي ربَّاه ورَزَقه ووهَبَه القوة والتمكين؛ فكيف يتكبر على الناس ويكون لسان حاله: إنما أُوتِيتُه على عِلمٍ عندي؟!
شارك تلك الفائدة مع أحبابك؛ لعل مسلمًا ينجو بها من عقوبة المتكبرين يوم القيامة!