إن مدار الطاعة على القلب، فلا يُوفق للطاعة إلا صاحب القلب السليم، الذي يُقبل على الله تعالى بكليته.
ومن أراد التوفيق في حياته والنجاح في دينه ودنياه فليستوهب من ربه قلباً عامرًا؛ كي يُحسن استقبال الطاعة والتلذذ بها والإقبال بها على ربه.
وأول هذه الخمس التي تراجعها مع نفسك:
أولًا: أن تبرأ من حولك وقوتك.
اجعل دائماً لسانك حالك: اللهم إني أبرأ إليك من حولي وقوتي وألوذ بحولك وقوتك، فلا حول ولا قوة إلا بك سبحانك.
فوالله لا تحول لنا من حال إلى حال إلا بحول الله وقوته؛ بل لا استطاعة لنا بنطق حرف واحد إلا بحول الله وقوته.
وهذا التبرأ من الحول والقوة إلى حول الله وقوته يعقبه طلب استعانة من ربك أن يعينك على الطاعة.
ولعنا نستشعر معنى قوله سبحانه في سورة الفاتحة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، فلنستعن به سبحانه على الطاعة، الصلاة، الذكر، قراءة القرآن، الدعاء، صلة الأرحام، ولنكثر من سؤاله سبحانه ذلك، فالله يُحب أن يُسئل، لإالح على ربك في الطلب والدعاء.
ثانيًا: تخيل أن هذه آخر طاعة لك في حياتك.
لك أن تتخيل هذا الأمر، فكم سيكون إتقان هذه الطاعة وحُسنها وإخلاصها، تخيل أن هذه العشر لا تعود إلا مرة في العام، فهل يُحسن أن نضيعها؟ بالتأكيد لا.
بل تخيل أنها قد لا تعود مرة أخرى، كما أن الطاعة فيها أفضل من أيام العام كله، فاعمل فيها الطاعة كأنها طاعة مودع.
ثالثًا: ابتعد عما يُلهيك عن الطاعة.
ابتعد عن عن كل ما يٌشغلك عن طاعة ربك، حتى ولو كان من المباحات، فهذا وقت الجد والاجتهاد، ولا بأس أن تجعل لنفسك ترويحة تستعين بها على الطاعة، لكن القصد ألا يكون يومك كله في مباحات تبعدك عن الطاعة، أما ما يعينك على الطاعة فلا بأس به، كأن يكون لك راحة بين الطاعة وأختها، وهكذا.
رابعاً: اقطف من كل بستان زهرة.
فليكن لك من كل طاعة نصيب، إن استطعت، وليكن نصيبك من الطاعات التي يخشع لها قلبك، والتي تعينك على الطاعة بعدها، ولا تقتصر على طاعة واحدة، فأكثر من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، واجعل لك نصيباً من الصيام إن استطعت.
خامسًا: إياك وأن تُعجب بطاعتك.
فالعُجب قد يدحض ثواب الطاعة، كما أنه غير معين للإكثار من الطاعات، فالإنسان الذي يُعجب بطاعته، يظن أنه قد أدى ما عليه، فلا يبدأ في الطاعة التي تليها، وإنما يقف عند الطاعة التي أُعجب بها، وهذا أعظم ما يُهلك الإنسان.
بل الإنسان المؤمن هو الذي يتهم نفسه دائماً بالتقصير، فيكون ذلك دافعاً له على الإكثار من الطاعات.
نسأل الله عز وجل أن يُعيننا على الطاعة في هذه العشر المباركات....