أحب العمل إلى الله

 أحب الأعمال إلى الله

ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: «وإنّ أحَبَّ العَمَلِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أدْوَمُهُ وَإِن قَلَّ». صحيح الجامع (1228)، «وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ». صحيح مسلم (785).

وكان من هديه ﷺ المداومة على العمل، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ». صحيح مسلم (746).

صفة عمل رسول الله ﷺ

وعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا. كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَسْتَطِيعُ!. أخرجه الشيخان.

وحين سئلت عائشة رضي الله عنها عن عمله ﷺ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ». قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ لَزِمَتْهُ. صحيح مسلم (783).

المداومة على العمل القليل أفضل من الكثير المنقطع

يقول الإمام النووي رحمه الله: بدوام القليل تستمر الطاعة، تستمر بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله، فينمو القليل الدائم حتى يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة.

قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص «اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك»: ولو تلا ورتل في أسبوع، ولازم ذلك، لكان عملًا فاضلًا، فالدين يسر، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة وصلة الرحم، والتواضع، والإخلاص في جميع ذلك، لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب.

فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم، فقد خالف الحنيفية السمحة، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه، ولا تدبر ما يتلوه.

هذا السيد العابد الصاحب كان يقول لما شاخ: ليتني قبلت رخصة رسول الله ﷺ. سير أعلام النبلاء(3/ 84).

ثواب المداومة على العمل
والعمل الذي يداوم عليه صاحبه إذا مرض أو سافر يكتب له ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا؛ ففي الحديث: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا». صحيح البخاري (2996)، وهذا الفضل لمن له عمل يداوم عليه.

ومن داوم على العمل الصالح وإن قل، يرجى له حسن الخاتمة: جاء في تفسير قوله تعالى: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} أي: حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى ‌عادته ‌بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، فعياذًا بالله من خلاف ذلك. تفسير ابن كثير (2/ 87).

وإذا مات الإنسان على شيء بعث عليه: قال ﷺ: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ». صحيح مسلم (2878).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا». أخرجه الشيخان.

فلتكن نيتك في الخير قائمة وعبادتك دائمة غير منقطعة، لا حسب المواسم والمناسبات، أو متعلقة بأوقات الفراغ والإجازات فقط.

ليكن لك نصيب وقدر من العمل الصالح، من الصلاة والذكر والتلاوة والصيام والصدقة-وإن كان قليلاً-، ولك بذلك أسوة بنبينا محمد ﷺ.

ولتكن همتك في الخير عالية، فإن فترت همتك فلا تقل عن الحد الأدنى، وقل لنفسك: "قليل دائم خير من كثير منقطع".

جعلنا الله وإياك من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، ومن عتقائه من النار.

شارك الفائدة مع من أحببت ولكم الأجر.