مدونة المصلي >> تعليمي

مُعضِلَة الأقدار المؤلمة!

مُعضِلَة الأقدار المؤلمة!
2022‏/08‏/03
37٬916

إن هذه القضية قد ضَلَّ فيها خَلْقٌ كثيرٌ -من المسلمين وغيرهم- منذ زمن بعيد، وهي إحدى أكثر الشبهات التي يُثيرها الملاحدة الآن، بل إنَّ كثيرًا من الملاحدة يُعلِنون صراحةً أنَّ سبب إلحادهم هو "أقدار الله المُؤلِمة"، وأنهم لا يعترفون بوجود إلهٍ من الأساس لأن الإله من المُفترَض أن يكون قويًّا رحيمًا يَقدِر على مَنْع تلك الحوادث المُؤلِمة -عافانا الله من تلك الكُفريَّات-.

عُقولُنا قاصرةٌ:

إن عقولنا البشرية قاصرة محدودة مهما بلغ الإنسان من الثقافة والعِلم والمعرفة، ستظلُّ ثقافته وعِلمه ومعرفته داخل إطار محدود لا يمكن أن تتجاوزه؛ لأن الله تعالى وضَعَ حدودًا لكل قدرات الإنسان.

ومثال ذلك: إذا وقفتَ في نقطةٍ ما في صحراء شاسعة، ولا شيء أمامك يُعِيق بصرك، ونظرتَ إلى آخر نقطة في منتهى بصرك؛ فكيف سترى السماء؟ ستراها مُلتصِقةً بالأرض أم ستراها مرتفعةً عنها؟ بالطبع ستراها مُلتصِقةً بالأرض، بالرغم من أنها ليست كذلك؛ إذ هي في الحقيقة مرتفعة كارتفاعها فوق رأسك في النقطة التي تقف فيها، لكن بصرك محدود كعقلك وسمعك، فكل شيء في الإنسان محدود، فلا تُرسِلَنَّ لعقلك العنانَ وتحاول إدراك حِكمة الله في كل أقداره؛ لأنها تَخفَى على الأنبياء أنفسهم في بعض الأحيان -وهم أفضل البشر-.

قصصٌ سابقةٌ وحِكَمٌ بالِغةٌ:

ثَمَّةَ قصصٌ قُصَّتْ علينا كي نتعلَّم منها أن كل أحداث الكون تدور وفقَ حِكمة الله تعالى، والحِكَم من تلك الحوادث المُؤلِمة -وغير المُؤلِمة أيضًا- منها ما يتجلَّى لنا ومنها ما لا يتجلَّى، وتلك الأخيرة نتعامل معها وفقَ النصوص والقَصَص الواردة لنا والتي تُعلِّمنا أن كل أقدار الله تكون لحِكمة -وإن خَفِيَت تلك الحِكمة عنَّا في الدنيا-؛ إذ إن عقولنا أقصَر من أن تحيط بكل شيءٍ عِلمًا، فالله تعالى يَعلَم ونحن لا نَعلَم، وله الحكمة البالِغة؛ وهو الحكيم العليم الخبير سبحانه.

ومن بين تلك القصص التي تُعلِّمنا أن كل أقدار الله تكون لحِكمة: ما قَصَّه اللهُ علينا في القرآن الكريم في سورة الكهف في قصة موسى والخَضِر -عليهما السلام-، وما قام به سيدنا الخَضِر من أفعالٍ تعجَّب منها سيدنا موسى؛ ومنها أنَّ الخَضِر قَتَلَ غلامًا، وقد أنَكَرَ عليه موسى ذلك، ثم تبيَّن لموسى بعد ذلك أنَّ قَتْلَ الغلام كان هو عين الرحمة؛ إذ إن اللهَ قد أعلَمَ الخَضِرَ بأن هذا الغلام لو صار بالغًا لكان كافرًا يتسبَّب في كُفر وإضلال والِدَيْه، فقَتَلَ الخَضِرُ الغلامَ ليموت قبل بلوغه لينجو من النار، وفي الوقت نفسه لا يتسبَّب في كُفر وإضلال والِدَيْه، فموته كان خيرًا للجميع؛ ولذلك قال سيدنا الخَضِر لسيدنا موسى بعدما بيَّن له أسباب ما فَعَلَه: {رَحْمَةً مِن رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف:82]؛ فهو سبحانه الذي أَمَرَ الخَضِرَ بقتل الغلام، كما أَمَرَ الملائكة بنفخ الروح فيه أولًا؛ فله الحُكم وإليه الأَمْر سبحانه، يأمر مَن يشاء من عباده بتنفيذ ما يشاء من أوامره، وفقَ حكمة بالِغة.

شارك معنا في التعليقات واكتب موقفًا حَدَثَ معك وعَلِمتَ فيه بعد ذلك حِكمة الله تعالى

مقالات متعلقة

2022‏/08‏/01
39٬171

كم وزنك عند الله؟

غالباً ما يسعى كثير منا لإنقاص وزنه؛ كي يهتم بصحته ويظهر بمظهر طيب أمام الناس، لكن هل فكرنا في وزننا الحقيقي؟! فهناك من يزن واحداً، وهناك من يزن ألفاً، أو يزن مليوناً، فكم تزن أنت؟!

مع تطبيق المصلي تعرف على المساجد القريبة أينما كنت بمنتهى الدقة

حمل المصلي الآن

مدار للبرمجة © 2022 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة