لقد فطر الله الإنسان على حب التشجيع التحفيز؛ لذا تجد الكثير منا ينشط للعمل وأداء المهام إذا كان الحافز غاليًا، وكانت النتيجة المترتبة على العمل ذات قيمة عالية، فلا مكان للفتور أو الكسل والخمول عند أداء مثل هذه الأعمال، وإنما همة ونشاط.

وليست هناك جائزة أو مكافأة أعظم من محبة الله لك! فتخيل أن هناك أعمالاً إن أديتها كانت علامة ودليلاً على محبة الله لك؛ حيث لا يوفق الله لها إلا من أحب.

واعلم أن من أحبه الله صار في معية الله، وتُجاب دعوته؛ ففي الحديث القدسي: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» صحيح البخاري (6502).

وهنا يأتي السؤال المهم:كيف نحصل محبة الله لنا؟

والجواب أن هناك أعمالاً إن واظبنا عليها وفعلناها ابتغاء مرضاة الله خالصة لوجه الكريم، فإن الله ينعم علينا بمحبته سبحانه.

يقول ابن رجب: "درجة المحبة لله تعالى إنما تنال بطاعته وبفعل ما يحبه، فإذا امتثل العبد لأوامر مولاه وفعل ما يحبه أحبه الله تعالى ورقاه إلى درجة محبته". اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى (129).

وهذه الطاعات التي تجلب للعبد محبة الله، والتي تكون علامة ودليل على محبة الله لعبده، هي:

العمل الأول: الإكثار والمداومة على النوافل:

ففي الحديث القدسي أن الله عز وجل قال: «... وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ،...». صحيح البخاري (6502).

فالإكثار من النوافل والمداومة عليها علامة من علامات حب الله لعبده، والنوافل هو كل عمل صالح غير الفريضة، كالصلاة النوافل ومنها السنن الرواتب، حيث يجب على المصلي أن يواظب عليها، وكصيام التطوع، مثل الأيام البيض والإثنين والخميس، والصدقات بعد أداء زكاة المال، وغير ذلك من النوافل.

العمل الثاني: اتباع النبي ﷺ:

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].

واتباع النبي صلى الله عليه وسلم يكون بالتمسك بأخلاقه وأقواله وأفعاله وهديه وسمته، وترجمتها إلى واقع ملموس في حياتنا.

وهذه تحتاج إلى صبر ومصابرة وجهد وإخلاص نية، فقد وجهنا المولى عز وجل إلى الاقتداء بالنبي ﷺ، قال تعالى:  {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158].

ولذا كان جزاء هذا التباع والاقتداء والتأسي به ﷺ هو محبة الله لعبده ومغفرته لذنوبه.

العمل الثالث: الحب والتزاور والتباذل في الله:

ففي الحديث القدسي أن الله قال: «حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ». « مسند أحمد (22064)، صحيح الجامع (4321).

والحب والتزاور والتباذل في الله معناه أن يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومعنى المتزاورين في: أي أَنْ يَكُونَ زِيَارَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِنْ أَجْلِهِ وَفِي ذَاتِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ، مِنْ مَحَبَّةٍ لِوَجْهِهِ أَوْ تَعَاوُنٍ عَلَى طَاعَتِهِ. وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ: أي يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي مَرْضَاتِهِ. المنتقى شرح الموطأ حديث (1779).

فمن وفق لإحدى هذه الأعمال كان ذلك دليل محبة الله له...

اللهم ارزقنا حبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك....

شارك الفائدة مع أحبابك ودلهم على طريق محبة الله لهم....