كيف نستغل يوم عرفة الاستغلال الأمثل؟

إن يوم عرفة يومٌ عظيم أكملَ اللهُ به الدين وأتمَّ به النعمة؛ حيث قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ‌دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3]؛ قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؛ نَزَلَتْ يَوْمَ ‌عَرَفَةَ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ" [رواه البخاري (7268)]. ومن جميل القَدَر أن يوم عرفة هذا العام سيوافق يوم الجمعة.

وعن قوله تعالى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:2، 3] قال ﷺ: «إِنَّ الْعَشْرَ عَشْرُ الْأَضْحَى، وَالْوَتْرَ ‌يَوْمُ ‌عَرَفَةَ، وَالشَّفْعَ ‌يَوْمُ النَّحْرِ» [رواه أحمد (14511)، وصححه الحاكم].

وقال ﷺ أيضًا: «اليَوْمُ المَوْعُودُ يَوْمُ القِيَامَةِ، وَاليَوْمُ ‌المَشْهُودُ يَوْمُ ‌عَرَفَةَ» [رواه الترمذي (3339)، وحسنه الألباني].

وهو اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم؛ حيث قال رسول الله ﷺ: «‌إنَّ ‌اللَّهَ ‌أخَذَ ‌المِيثاقَ ‌مِنْ ‌ظَهْرِ ‌آدَمَ بنَعْمانَ [وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات] يَوْمَ ‌عَرَفَة، وأخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأها فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كالذَّرِّ، ثمَّ كَلَّمَهُمْ قَبَلًا [عِيَانًا] قالَ: {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}» [الأعراف:172، 173]، [صحيح الجامع (1701)].

وقد أرشدنا النبي ﷺ إلى عدة أعمال نجتهد فيها في ذلك اليوم العظيم؛ وهي:

1- الذِّكر والدعاء: حيث قال ﷺ: ‌«‌خَيْرُ ‌الدُّعَاءِ ‌دُعَاءُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [رواه الترمذي (3585)، وحسنه الألباني]. وكذلك يدعو المسلم في يوم عرفة بما يريده من الله تعالى من خيرَي الدنيا والآخرة.

2- الصيام: حيث قال عنه ﷺ: «‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ؛ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» [رواه مسلم (1162)].

3- التهليل والتكبير والتحميد: حيث قال ﷺ:  «مَا ‌مِنْ ‌أَيَّامٍ ‌أَعْظَمُ ‌عِنْدَ ‌اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، ‌فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» [صحيح الترغيب والترهيب، 1248].

4- قراءة القرآن: فهو كلام الله تعالى وأفضل الذِّكر، وهو من أعظم الأعمال الصالحة ولا سيَّما في هذه الأيام المباركة.

5- الصدقة: وهي عمل ذو ثواب عظيم؛ حيث فيها إدخال السرور على الفقراء والمساكين كي لا يشعروا بالحرمان من التمتع بأكل وشُرب الطيبات في أيام العيد المباركات.

6- حِفظ السمع والبصر واللسان: حيث قال النبي ﷺ عن فضل حِفظ تلك الجوارح في يوم عرفة: «‌إِنَّ ‌هَذَا ‌يَوْمٌ ‌مَنْ ‌مَلَكَ ‌فِيهِ ‌سَمْعَهُ ‌وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ؛ غُفِرَ لَهُ» [صحيح ابن خُزَيمة (2832)].

وأخيرًا: ينبغي على المسلم أن يجتهد في إصابة هذه الأعمال في يوم عرفة،؛ يُقَسِّم يومه ووقته حسب حاله وظروفه واستطاعته، ويجعل لهذه الأعمال جميعها نصيبًا في ذلك اليوم العظيم.

وكذلك ينبغي على المسلم أن يبتعد عن كل المُشتِّتات في ذلك اليوم الذي لا يأتي إلا مرةً واحدةً في العام؛ فيبتعد عن الهاتف عمومًا وعن مواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا؛ إذ فيهما الكثير من اللهو وإهدار الوقت بلا فائدة.

شارك تلك الفائدة مع أحبابك؛ كي يفوز الجميع بذلك اليوم العظيم!