
قصة نبي الله صالح مع قوم ثمود
أُرسل صالح عليه السلام إلى قوم ثمود، وكانوا عربًا من العاربة، يسكنون الحِجْر، [وهي في وادي القُرى شمال المدينة المنوَّرة، تبعد عنها 350 كيلومترًا تقريبًا] وكانوا بعد قوم عاد، وقد أنعم الله عليهم بمظاهر الحضارة من العمران والبنيان.
قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف: 74] أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان من أمرهم، وتعملوا بخلاف عملهم، وأنعم عليكم وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور، وتنحتون من الجبال بيوتًا فارهين، أي حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها.
وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك، فبعث الله فيهم رجلًا منهم وهو عبد الله ورسوله صالح بن عبيد بن ماسخ بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يتركوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئًا.
ذكر ثمود في القرآن:
قال تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61) قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) ﴾ [هود: 61-62] أي قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملًا قبل هذه المقالة؛ وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة للَّه وحده، وترك ما كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد.
فآمنت به طائفة منهم، وكفر أكثرهم، ونالوا منه بالمقال والفعال وهموا بقتله، وعقروا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
قال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159) ﴾ [الشعراء: 141-159]
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (84)﴾ [الحجر: 80-84]
وقصة النبي صالح عليه السلام مع قومه ثمود وردت في سور متعددة: فجاءت مفصلة في سور: (الأعراف)، و(هود)، و(الحِجر)، و(الشعراء)، و(فصلت).
وجاءت في سور: (الإسراء)، و(النمل)، و(الذاريات)، و(الحاقة)، و(الفجر)، و(الشمس)، وأشير إليها في سور: (التوبة)، و(إبراهيم)، و(الحج)، و(الفرقان)، و(العنكبوت)، و(ص)، و(غافر)، و(ق)، و(النجم)، و(البروج).
2. معجزة الناقة:
قالوا: {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. سألوه أن يأتيهم بِآيَةٍ تدل على صدق ما جاءهم به: فأيَّده الله -جل وعلا- بالناقة.
قال سبحانه: ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأعراف: 73]، فهي آية واضحة بيِّنة لا خفاء فيها؛ ولذا سمَّاها -جل وعلا- مبصرة {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 59]
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: «وقد ذكر المفسرون أن ثمودًا اجتمعوا يومًا في ناديهم، فجاءَهم رسولُ اللَّه صالحٌ فدعاهم إلى اللَّه وذكَّرهم وحذَّرهم، ووعظهم وأمرَهم. فقالوا له: إنْ أنتَ أخرجتَ لنا من هذه الصخرة -وأشاروا إلى صَخْرَةٍ هناكَ- ناقةً من صِفَتها كَيْتَ وكَيْتَ، وذكروا أوصافًا سمَّوها ونعتوها، وتعنَّتوا فيها، وأن تكون عُشَرَاء طويلةً، من صفتها كذا وكذا.
فقال لهم النبيُّ صالحٌ عليه السلام: أرأيتم إنْ أجبتُكم إلى ما سألتُم، على الوجه الذي طلبتُم أتؤُمنونَ بما جئتكُم به وتصدقوني فيما أُرسلتُ به؟ قالوا: نعم، فأخذ عهودَهم ومواثيقَهم على ذلك، ثمَّ قامَ إلى مُصلَّاه، فصلَّى للَّه عز وجل ما قُدِّرَ له، ثم دعا ربَّه عز وجل أن يُجيبَهم إلى ما طلبُوا، فأمرَ اللَّه عز وجل تلكَ الصَّخرة أن تنفطرَ عن ناقةٍ عظيمةٍ عُشَراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصِّفة التي نَعَتُوا.
فلما عاينُوها كذلك رأوا أمرًا عظيمًا، ومَنْظرًا هائلًا، وقدرةً باهرةً، ودليلًا قاطعًا، وبُرهانًا ساطعًا، فآمنَ كثيرٌ منهم، واستمَّر أكثرُهم على كفرهم وضلالهم وعِنادهم، ولهذا قال: {فَظَلَمُوا بِهَا} [الإسراء: 59] أي: جَحدوا بها ولم يتَّبعوا الحقَّ بسببها، أي: أكثرهم.» [البداية والنهاية (1/ 199)]
وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى: "ولا يصح شيء يحتج به في خلق الناقة من الصخرة أو من هضبة من الأرض. تفسير المنار (8/ 447)
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْحِجْرِ، قَالَ: " لَا تَسْأَلُوا الْآيَاتِ، وَقَدْ سَأَلَهَا قَوْمُ صَالِحٍ فَكَانَتْ تَرِدُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، وَتَصْدُرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَعَقَرُوهَا، وَكَانَتْ تَشْرَبُ مَاءَهُمْ يَوْمًا، وَيَشْرَبُونَ لَبَنَهَا يَوْمًا، فَعَقَرُوهَا، فَأَخَذَتْهُمْ صَيْحَةٌ أَهْمَدَ اللهُ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مِنْهُمْ، إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا كَانَ فِي حَرَمِ اللهِ " قِيلَ: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " هُوَ أَبُو رِغَالٍ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ، أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ» [(صحيح) مسند أحمد (14160) والمستدرك (3287) وقال هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.]
3. الناقة وعصيان القوم
أُمِروا بترك هذه الناقة ترعى بين أظهرهم حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يومًا بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم، ويقال: إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، ولهذا قال: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}، وقال تعالى: {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي اختبارًا لهم، أيؤمنون بها، أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون: {فَارْتَقِبْهُمْ} أي: انتظر ما يكون من أمرهم {وَاصْطَبِرْ} على أذاهم، فسيأتيك الخبر ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ﴾ [القمر: 28]
4. عقر الناقة
اجتمعَ مَلؤُهم، واتَّفقَ رأيُهم على أن يَعْقِرُوا هذه النَّاقة، وزيَّنَ لهم الشيطانُ أعمالَهم، قال اللَّه تعالى: ﴿فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأعراف: 77]
وكان الذي تولَّى قتلَها منهم رئيسُهم قُدَارُ بن سالف بن جندع.. وكان فعلُه ذلك باتِّفاقِ جميعهم، فلهذا نُسِبَ الفعلُ إليهم كلِّهم.
عن عبد اللَّه بن زمعة «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ. [صحيح البخاري (4942)، وصحيح مسلم (2855)] أي رئيس منيع، أي مطاع في قومه.
وقَالَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ قَالَ انْتَدَبَ لَهَا رَجُلٌ ذُو عِزٍّ وَمَنَعَةٍ فِي قُوَّةٍ كَأَبِي زَمْعَةَ.» [صحيح البخاري (3377)]
وقال تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77)} [الأعراف: 77]. فجمعوا في كلامهم هذا بين كُفر بليغ وعقر الناقة التي جعلها الله لهم آية، واستعجلوا وقوع العذاب بهم.
5-العذاب الإلهي:
قال الله تعالى: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65].
وذكروا أنهم لما عقروا الناقة، كان أول من شدَّ عليها قُدار بن سالف لعنه الله، فعرقبها، فسقطت إلى الأرض، ثم ابتدروها بأسيافهم يُقطعونها، فلما عاين ذلك سَقْبُها، وهو ولدها، شَرَد عنهم فَعَلا أعلى الجبل هناك، ورغا ثلاث مراتٍ؛ فلهذا قال لهم صالح: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} أي غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضًا في هذا الوعد الأكيد، بل لما أمسوا همُّوا بقتله، وأرادوا فيما يزعمون أن يُلحقوه بالناقة {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أي: لنكبسنه في داره مع أهله، فلنقتلنه، ثم نجحدن قتله، ونُنكرن ذلك إن طالبنا أولياؤه بدمه؛ ولهذا قالوا: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}.
قال الله تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53﴾ [النمل: 50-53]
وذلك أن الله تعالى أرسل إلى أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم، سلفًا وتعجيلًا قبل قومهم.. فلما كان صبيحة اليوم الثالث لما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم، ورجفة شديدة من أسفل منهم، ففاضت الأرواح وزهقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت الأصوات، وحُقت الحقائق {فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} جُثثًا لا أرواح فيها ولا حراك بها.
قال تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [الأعراف: 78]. وقال تعالى: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [هود: 67]. وقوله عز وجل ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)﴾ [النمل: 51-53] وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: 5]
وقد كانت عاقبة المؤمنين النجاة والتأييد من الله رب العالمين؛ وذلك ببركة تقواهم، وخوفهم من عذاب خالقهم، واتباعهم للحق الذي جاءهم به
6- مرور النبيِّ ﷺ بوادي الحِجْر من أرض ثمودَ عام تبوك
والنبي ﷺ دل المسلمين على الفج الذي كانت الناقة ترد منه والفج الذي كانت تصدر عنه، والبئر التي كانت تشرب منها حين مروا بديار قوم صالح في غزوة تبوك. وأمرهم أن يستقوا منها ويهريقوا ما استقوا من غيرها من تلك الآبار.
قال العلماء: وقد علمها بالوحي.
عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَرْضَ ثَمُودَ الْحِجْرَ فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَاعْتَجَنُوا بِهِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَأَنْ يَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَ تَرِدُهَا النَّاقَةُ» [صحيح البخاري (3379)]
7- حذر النبي ﷺ من دخول (الحِجر) دون بكاء
عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهْوَ عَلَى الرَّحْلِ.» [صحيح البخاري (3380)]
وقال تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)}. إخبار عن صالح عليه السلام أنه خاطب قومه بعد هلاكهم بهذا، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها.
وهكذا خاطب النبي ﷺ أهل قَلِيب بدر بعد ثلاث ليالٍ، وقف عليهم، وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من آخر الليل:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك؛ أن رسول الله ﷺ ترك قتلى بدر ثلاثا. ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال "يا أبا جهل بن هشام! يا أمية بن خلف! يا عتبة بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا" فسمع عمر قول النبي ﷺ. فقال: يا رسول الله! كيف يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جيفوا؟ قال "والذي نفسي بيده! ما أنتم بأسمع لما أقول منهم. ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا" ثم أمر بهم فسحبوا. فألقوا في قليب بدر.» [صحيح مسلم (2874)]
شارك القصة مع أحبابك.
💬 حدثنا في التعليقات: ما الدرس الأهمّ الذي استفدته من قصة صالح عليه السلام؟
والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.