
إن من الأعمال الصالحة التي رغب فيها الرسول ﷺ زيارة المريض لما فيها من الثواب العظيم وجبر خاطره، وتطييب نفسه، وهي حق للمسلم على أخيه المسلم.
عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: «أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ؛ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّيِّ، وَالْإِسْتَبْرَقِ.». [صحيح البخاري (1239) وصحيح مسلم (2066)]
وعيادة المريض من حقوق المسلم على المسلم، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ؛ رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ». [صحيح البخاري (1240)، وصحيح مسلم (2162)]
وبيَّن النبي ﷺ أن عيادة المسلم لأخيه المريض طريق إلى الجنة:
عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: جَنَاهَا».. [صحيح مسلم (2568)] قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «أي أنه يجني من ثمار الجنة مدة دوامه جالساً عند هذا المريض»
عيادة المريض سبب لصلاة الملائكة.
قَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الجَنَّةِ»: [(صحيح) سنن الترمذي (969) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ]
ويدعو للمريض بما كان يدعو رسول الله ﷺ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ فَقَالَ لَهُ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ. [صحيح البخاري (3616)] طَهور: بفتح أوله أي مرضك مطهِّر لذنبك إن شاء الله.
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ «كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جَرْحٌ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا - وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا: بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا». قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: يُشْفَى.. [صحيح البخاري (5745) ومسلم (2194) واللفظ له]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " مَنْ عَادَ مَرِيضًا، لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ "». [(صحيح) سنن أبي داود (3106)] ومسند أحمد (2182) وقال محققوه حديث صحيح]
عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا، أَوْ يَمْشِي لَكَ إِلَى جَنَازَةٍ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ ابْنُ السَّرْحِ: إِلَى صَلَاةٍ». [(صحيح) سنن أبي داود (3107)]
ولعيادة المريض فوائد منها:
1. الأجر العظيم من الله تعالى.
2. الدعاء له وتفقُّد أحواله التي لا تتحقَّق بغير العيادة.
3. تُذَكِّرُ العَائدَ نعمةَ الله عليه بالعافية التي حُرِمَ غيرهُ منها.
4. بث روح المودة، والمحبة والتآلف بين المجتمع، وذلك بمواساة المريض، وأهله وإشعارهم بأن المجتمع معهم يواسيهم، ويشاركهم ما هم فيه من تعب ومحنة.
في الختام، عيادة المريض ليست مجرد زيارة، بل هي عبادة عظيمة تجلب الأجر وتزرع المحبة في القلوب، وتحقق التضامن بين المسلمين. فلنحرص جميعًا على تفعيل هذا السلوك النبيل، ولنكن دعاة إلى هذه السنة العظيمة، ونعين الناس على تذكُّر هذه العبادة الجليلة. ساهموا في نشر هذه الفائدة فالدال على الخير كفاعله، ولكم من الله الأجر والثواب وشاركونا آرائكم وتعليقاتكم لتعم الفائدة،
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين