السلطان الأيوبي المعظم عيسى بن السلطان العادل أبي بكر محمد بن نجم الدين أيوب، سليل أسرة الأيوبيين العظيمة، وأمير دمشق وما حولها، وُلد بالقاهرة سنة 576هـ ونشأ بدمشق وحفظ القرآن وبرع في الفقه خاصة الفقه الحنفي، حتى أنه ألف حاشية على الجامع الكبير في الفقه الحنفي، وعكف على علماء دمشق يأخذ ويسمع منهم حتى تضلع في علوم اللغة والحديث والقراءات، ومن شدة حبه للفقه الحنفي كان يعطي لمن يحفظ كتاب «المفصل» مائة دينار، و«الجامع الكبير» مائتي دينار.
وكانت عقيدته صحيحة خالية من الدخل، وكان يقول عن نفسه: «اعتقادي في الأصول ما سطَّره الطحاوي».
كان عيسى محبًا للعمران وخاصة بناء المدارس والمرافق، وقد حج سنة 611هـ، وكان فيه دهاء وحزم وشجاعة وتواضع شديد، حتى أنه كان يمشي وحده دون حراسة ويركب وحده في السبل المخوفة، وكان له اليد البيضاء في معركة دمياط سنة 618هـ، بل هو يعتبر الذي أنقذها من الاحتلال الصليبي، وقد ساعد أخاه السلطان الكامل محمد عندما حاول بعض أمرائه التآمر عليه، فأحبط هو هذه المؤامرة.
كان عيسى لا يعجبه تخاذل أخيه الكامل محمد سلطان مصر وميله لمسالمة الصليبيين، حتى أنه قد دخل في قتال مع أخيه بسبب هذا التخاذل، وقد رد على محاولات الإمبراطور فريدريك الثاني للتفاوض بقوله: «أنا لست مثل الآخرين ـ يقصد أخاه ـ فليس عندي إلا السيف»، ولأن الصليبيين كانوا على مقربة منه فإنه كان يشتد في التعامل مع الرعية حتى لا يتسرب إليهم الترف والكسل، لذلك يصفه المعاصرون له بالقسوة والظلم أحيانًا.
وقد مات في 29 من ذي القعدة سنة 624هـ، وقد أوصى ألا يبنى على قبره شيء.
راجع: الكامل في التاريخ (10/473)، البداية والنهاية (13/141)، النجوم الزاهرة (6/267)، سير أعلام النبلاء (22/120)، السلوك (1/224)، العبر (5/100)، شذرات الذهب (5/115)، وفيات الأعيان (3/494)، مفرج الكروب (4/224).