
كان النبي ق إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان اجتهد في العبادة، وكان يتهجد من الليل ما شاء الله أن يكون، وهذا دأب الصالحين بعده ق، فقدوتهم محمد ق.
ونحن في أجواء كورونا وقد أصبح وقت التراويح أقل من سابقه، فإن كثيرًا منا يريد أن يصلي ويتهجد بعد أن يصلي مع الإمام، وحتى نحصل ثواب قيام الليل فإننا نوتر مع الإمام، حتى ينتهي من صلاته، وفي هذه الحالة كيف نصلي صلاة التهجد بعد ذلك؟
1. بعض العلماء قال أنه إذا أراد أن يصلي فإنه ينسحب حين يوتر الإمام في صلاة التراويح، وهذا رأي ضعيف؛ لأن هذا معناه أنه ما صلى مع الإمام حتى ينصرف الإمام من صلاته، وبالتالي ما حقق ثواب قيام ليلة.
2. وقال آخرون من أهل العلم أنه إذا أراد أن يصلي بعد التراويح فإنه يأتي بركعة بعد أن يسلم الإمام من الوتر، ثم يصلي بعد ذلك من التهجد ما شاء ثم يوتر في آخر تهجده، وهذا أيضًا ضعيف؛ لأنه ما انصرف مع الإمام، وأيضًا كأنه يقول للناس انظروا فإني سأصلي التهجد بعد أن أنصرف من التراويح، فربما دخل له الشيطان من هذا المدخل.
3. وقال آخرون من أهل العلم أنه إذا أراد أن يصلي بعد صلاته الوتر مع إمام التراوايح، فإنه حين يبدأ تهجده يبدأه بركعة واحدة يسلم منها وينوي أنها تشفع الوتر الذي صلاه مع الإمام، ثم يصلي التهجد ما شاء، ثم يوتر في آخر تهجده، وهذا أيضًا ضعيف؛ لأن معناه أنه أوتر ثلاث مرات، مرة مع إمام التراويح، ومرة في أول تهجده، وثالثة في آخر تهجده.
4. والصواب بإذن الله أنه يصلي في تهجده ما تيسر له شفعًا، ركعتان أو أربع أو ثمان أو عشرينًا، أو ما يسر الله ولا يحتاج أن يوتر مر أخرى، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة» سنن ابي داود (1439) بسند صحيح.
ولكن ربما يقول قائل فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ وِتْرًا» صحيح البخاري (472).
والجواب: أن هذا الأمر بجعل آخر الصلاة وترًا ليس للوجوب؛ بل هو للاستحباب، فالأفضل أن تكون آخر الصلاة وترًا، ولكن يجوز الصلاة بعد الوتر، والدليل على ذلك ما جاء من حديث عائشة رضي الله عنها بصحيح مسلم: «ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» صحيح مسلم (738).