حمل المصلي الآن
مدونة المصلي >> أخرى

معركة سهل بلاطة

معركة سهل بلاطة
2020‏/04‏/29
18٬990

تعتبر جزيرة صقلية من أكبر جزر البحر المتوسط مساحة؛ حيث تبلغ25460كم2، وأغناها من حيث الموارد الاقتصادية، وهي ذات موقع إستراتيجي بالغ الأهمية، حيث إنها تقع بين ساحل إيطاليا الجنوبية وساحل الشمال الإفريقي، وهي قريبة من إيطاليا ولا يفصلها عنها سوى ممر «مسينا» وعرضه خمسة كيلومتر فقط، وكان المسلمون قد حاولوا فتحها عدة مرات، بداية في عهد عبد الله بن سعد والي مصر، ثم تابعه على ذلك معاوية بن جديج الذي أرسل عبد الله بن قيس الفزاري لفتحها، فغنم منها غنائم كثيرة، ثم غزاها عقبة بن نافع سنة 49هـ، ثم غزاها عطاء ابن رافع الهذلي سنة 83هـ، وكان آخر محاولات الفتح سنة 135هـ في عهد عبد الرحمن بن حبيب، بعدها توقفت الغزوات بسبب الثورات الداخلية للبربر والخوارج.

استغل البيزنطيون الفرصة وعملوا على تحصين الجزيرة التي أنهكتها الغزوات المتكررة، وبناء القلاع والأسوار على سواحلها، وأصبح للجزيرة الأسطول الخاص بها لحراستها، وتطور الأمر لأن تقوم هذه الأساطيل بالإغارة على سواحل إفريقيا، مما دفع المسلمين هناك للتوحد ونبذ خلافاتهم، وكانت بلاد ليبيا وتونس وأجزاء من الجزائر تحت حكم دولة الأغالبة وهي دولة ذات طابع أسري وراثي، أنشأها هارون الرشيد سنة 184هـ لتنوب عن الخلافة في حكم هذه البقاع البعيدة عن مقر الخلافة في العراق، وتقوم بدور هام في قمع الفتن المستعرة في هذه البقاع من البربر والخوارج، وهذه الأسرة كانت تدين بالولاء والتبعية للخلافة العباسية.

وفي عهد الأمير زيادة الله بن الأغلب اشتدت الثورات الداخلية من البربر والخوارج ووقعت حادثة اعتداء الأسطول الصقلي على سواحل تونس، فقرر الأمير زيادة الله ندب الناس لغزو صقلية وذلك لضرب عصفورين بحجر واحد، توجيه طاقات الثوار لصالح الإسلام بالغزو والفتح، ورد خطر الأساطيل البيزنطية عن سواحل المسلمين بفتح جزيرة صقلية، وحتى يحمس الناس على الجهاد قام زيادة الله بتعيين الفقيه القاضي أسد بن الفرات قائدًا على الحملة، وكان أسد بن الفرات وقتها في السبعين من عمره ولكنه كان بطلاً شجاعًا وفارسًا جريئًا، وكان لهذا الاختيار أثر بالغ الأهمية في مسارعة الناس للاشتراك في الحملة على صقلية.

أقلع الأسطول الإسلامي من مدينة سوسة التونسية في ربيع الأول سنة 212هـ بقيادة أسد بن الفرات ومعه عشرة آلاف مقاتل وسبعمائة فارس بخيولهم، ولقرب الجزيرة من سواحل إفريقيا وصل الأسطول بعد أيام قلائل، ونزل المسلمون على أرض الجزيرة وساروا فيها مقتحمين عدة قلاع مثل قلعة البلوط ثم قرى الرفش ثم قلعة الدب ثم قلعة الطواويس.

استعد البيزنطيون لقتال المسلمين في معركة فاصلة وكبرى، وقام ملك صقلية واسمه «بلاطة» بحشد مائة وخمسين ألفًا من الصقليين والطليان، وأقبل بهذا الجيش الجرار عند منطقة السهل الكبير بمدينة «مازر» وهو السهل الذي سيطلق عليه بعد ذلك اسم «سهل بلاطة»، وكان المسلمون قد سبقوهم إلى المنطقة وعسكروا فيها، فلما تراءى الجمعان يوم 9 رمضان سنة 212هـ، قام أسد بن الفرات خطيبًا في الناس وحمسهم وشجعهم على الثبات في القتال وبشرهم بالنصر والظفر، وكان اللواء في يده، ثم أعطى إشارة الانطلاق فاندفع المسلمون في قتال شرس وأسد أولهم يضرب يمنة ويسرة وهو في السبعين من عمره، وانتصر المسلمون انتصارًا عظيمًا، وفر «بلاطة» من القتال إلى مدينة «قصريانة»، ثم غلبه الخوف من لقاء المسلمين ففر من صقلية كلها إلى قلورية بجنوبي إيطاليا، وهناك قتله بعض الصقليين الغاضبين منه بسبب نكوله عن قتال المسلمين.

راجع: أطلس تاريخ الإسلام ص293، تاريخ البحرية الإسلامية ص95ـ 121، سير أعلام النبلاء (10/227).

بحث

الأكثر تداولاً

ellipse

مع تطبيق المصلي تعرف على المساجد القريبة أينما كنت بمنتهى الدقة

حمل المصلي الآن

مدار للبرمجة © 2025 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة

Powered by Madar Software