وفاة كافور الإخشيدي!

صاحب مصر وحاكمها، الخادم الأستاذ، العبد السيد، أبو المسك كافور الإخشيدي، واحد من أصحاب الهمم العالية والعزائم القوية، عصاميًا لا عظاميًا، جُلب وهو صغير وبيع في مصر بوصفه عبدًا أسود للخدمة، ثم تداولته الأيدي حتى التحق بخدمة الإخشيد صاحب مصر فأظهر كفاءة وسداد رأي وشجاعة في مواطن كثيرة لفتت إليه نظر سيده الإخشيد، فعمل على ترقيته حتى صار من كبار قواده، وأسند إليه مهمة محاربة سيف الدولة فانتصر عليه مما جعل الإخشيد يرقيه فجعله معلم ولده وولي عهده «أنوجور».

استمرت مكانة كافور في أيام أنوجور كما هي، ثم كان بادية ملكه وتحكمه الكامل في مصر بعد وفاة أنوجور سنة 349هـ، إذ أصبح كافور هو الحاكم الأوحد للبلاد وأخذ بذلك تقليدًا من الخليفة العباسي «المطيع لله»، فكان كافور مهيبًا سائسًا حليمًا جوادًا وقورًا، عقله يوازي عقول كثير من الأمراء والولاة وقتها، واتسع نفوذه حتى دعي له على منابر الشام ومصر والحرمين والثغور وكان حريصًا على مصالح المسلمين، وذلك كله مع تعبد وتهجد واهتمام بالسير والأخبار والعلوم، ولقد قاد مصر والشام في وقت شديد الحساسية إذ كانت أطماع الفاطميين في مصر والشام كبيرة وتكررت محاولاتهم للاستيلاء على مصر، وكان كافور سدًا منيعًا أمام الفاطميين بالذكاء والفطنة وحسن التدبير والمدارة، وكان لكافور كفٌ عن الدماء وحرص على أموال وأعراض المسلمين، وقد مات في 26 جمادى الآخرة 357هـ، وبوفاته انهارت المقاومة واستولى الفاطميون على مصر.

راجع: سير أعلام النبلاء (16/190)، وفيات الأعيان (4/99)، الكامل في التاريخ (7/302)، البداية والنهاية (11/283)، النجوم الزاهرة (4/10)، شذرات الذهب (3/21)، حسن المحاضرة (1/597)، المنتظم (7/50).