مدونة المصلي >> أخرى

تعرف على الحكمة من الشرب بهذه الهيئة والكيفية التي أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم!

تعرف على الحكمة من الشرب بهذه الهيئة والكيفية التي أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم!
2018‏/03‏/01
8٬064

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: «إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ»، قَالَ أَنَسٌ: «فَأَنَا أَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا». صحيح مسلم (2028).

وتفسير أهل العلم لهذا الحديث هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يشرب ما يحتاجه من الماء على ثلاث دفعات، فيشرب جزءً، ثم يبعد الإناء عن فمه ليتنفس ويخرج زفيره خارج الإناء، ثم يعود فيشرب جزءً آخر، ثم يبعد الإناء عن فمه الشريف صلى الله عليه وسلم، ليأخذ نفسًا ثانيًا كما فعل في المرة الأولى، ثم يعود ليشرب الجزء الثالث حتى يرتوي ويأخذ حاجته من الشراب.

فقول أنس رضي الله عنه في وصف شرب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان (يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا) يعني أنه كان يتنفس أثناء الشراب، لكن إخراج هذا النفس إنما يكون خارج الإناء، كما بين ذلك الإمام النووي رحمه الله، ثم فسر رحمه الله معاني كلمات الحديث الأخرى فقال:

(أروى) من الرِّي: أي: أكثر رِّيا. (وأبرأ) أي: أبرأ من ألم العطش، وقيل: (أبرأ) أي: أسلم من مرض أو أذى يحصل بسبب الشرب في نفَس واحد. (وأمرأ) أي: أجمل انسياغًا.شرح مسلم(13/199)

وقد اتفق أهل العلم على كراهة أن يتنفس الشارب داخل إنائه، فيصيب نفسه الماء الذي يشرب منه فيتقذر به، وقد ورد النهي صريحًا عن ذلك في حديث أبي قتادة رضي الله عنه: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ) رواه مسلم (267).

كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشرب قائمًا، فعن قتادة عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً»، قال قتادة: فقلنا: فالأكل؟، فقال: ذاك أشر أو أخبث.  صحيح مسلم (113/ 2024).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زجر عن الشرب قائماً» صحيح مسلم (112/ 2024).

ومع ذلك أيضًا فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه شرب قائمًا، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «سَقَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ»، صحيح مسلم (117/ 2027).

يقول النووي رحمه الله: ليس في هذه الأحاديث بحمد الله تعالى إشكال ولا فيها ضعف بل كلها صحيحة، والصواب فيها أن النهي فيها محمول على كراهة التنزيه.

وأما شربه -صلى الله عليه وسلم- قائمًا فبيان للجواز فلا إشكال ولا تعارض،...فإن قيل كيف يكون الشرب قائمًا مكروهًا وقد فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالجواب: أن فعله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان بيانًا للجواز لا يكون مكروهًا بل البيان واجب عليه -صلى الله عليه وسلم".  شرح النووي على مسلم (13/ 195).

فكأنه يريد ان يقول أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك (وهو الشرب قائمًا) فيه جواز لمن لم يستطع الشرب جالسًا، أن يشرب قائمًا، فهو تخفيف على من أراد الشرب ولا يستطيع الجلوس، فالأصل أن يشرب الإنسان جالسًا.

وكشفت الأبحاث الطبية الحديثة عن بعض أضرار الأكل والشرب قائمًا، يقول الدكتور عبد الرزاق الكيلاني: إن الشرب وتناول الطعام جالسًا أصح وأسلم وأهنأ وأمرأ؛ حيث تكون الأعضاء ساكنة، والمعدة مستريحة، فيسيل الماء من فمها على جدرانها بلطف وتؤدة، بينما إذا شرب واقفًا فإن الماء يتساقط من فمها إلى قعرها فيصدمه صدماً، وإذا استمر الحال على ذلك مدة طويلة فقد تسترخي المعدة وتهبط، فيسوء هضمها للطعام". الحقائق الطبية في الإسلام، للدكتور عبد الرزاق الكيلاني (154).

ويذكر الدكتور إبراهيم الراوي أن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوترًا ويكون جهاز التوازن في مراكزه العصبية في حالة فعالية شديدة حتى يتمكن من السيطرة على جميع عضلات الجسم لتقوم بعملية التوازن والوقوف منتصبًا، وهي عملية دقيقة ومعقدة يشترك فيها الجهاز العصبي والعضلي في آن واحد مما يجعل الإنسان غير قادر على تحصيل الطمأنينة العضوية التي تعتبر من أهم الشروط المرجوة عند الطعام والشراب، هذه الطمأنينة يحصل عليها الإنسان في حالة الجلوس حيث تكون الجملة العصبية والعضلية في حالة من الهدوء والاسترخاء وحيث تنشط الأحاسيس وتزداد قابلية الجهاز الهضمي لتقبل الطعام والشراب وتمثله بشكل صحيح.

كما أن التناول في حالة الوقوف -القيام- يؤدي إلى إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة في بطانة المعدة، وإن هذه الانعكاسات إذا حصلت بشكل شديد ومفاجئ فقد تؤدي إلى انطلاق شرارة النهي العصبي الخطير inhibition vagal لتوجيه ضربتها القاضية للقلب، فيتوقف محدثًا الإغماء أو الموت المفاجئ . روائع الطب الإسلامي، لمحمد نزار الباقر (2/ 33: 34).

ففي توجيه نبوي رشيد جاء النهي عن الشرب والأكل واقفاً، وجاءت أحاديث أخرى لتدل على جواز ذلك عند الحاجة، فكان في هذا التوجيه سبق علمي، فها هو العلم اليوم يطالعنا بالمشاكل الصحية التي تصاحب من يداوم على الأكل أو الشرب واقفًا، وأن هذه العادة من العادات الخاطئة والتي لا تتناسب مع القواعد الصحية.

مقالات متعلقة

مع تطبيق المصلي تعرف على المساجد القريبة أينما كنت بمنتهى الدقة

حمل المصلي الآن

مدار للبرمجة © 2022 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة