يقع مبنى المسجد الأقصى المبارك في الجهة الجنوبية الشرقية لمنطقة الحرم القدسي الشريف في القدس، وهو القبلة الأولى للمسلمين وثاني مسجد بني لعبادة الله وحده وثالث الحرمين الشريفين، أما أول من أمر ببنائه فهو الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب بعد أن فتح بيت المقدس في16هـ/636م ثم أعاد بناءه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (86-96هـ/705-714م) في الفترة الواقعة ما بين 90-96هـ/708-714م) كما أكدت ذلك أوراق البردى التي أخذت عن مراسلات بين قرة بن شريك حاكم مصر الأموي وأحد حكام الصعيد. (وكانت مساحة المسجد أكبر بكثير مما هي عليه اليوم، وقد ذكر المقدسي (375هـ/985م) وهو أول من أورد وصفا للمسجد الأقصى أنه كان يتكون من خمسة عشر رواقا أكبرها الرواق الأوسط وسبعة أروقة في كل من الجهة الغربية والجهة الشرقية. ويفتح في كل رواق باب باتجاه الشمال أكبرها الرواق الأوسط، وجميعها مغطاة بسقف على شكل جملون أعلاه سقف الرواق الأوسط الذي ينتهي في الجهة الجنوبية بقبة خشية مغطاة بالرصاص. وقد ظل المسجد قائما بتخطيطه الأصلى حتى سنة 132هـ/749م حيث تهدّم جانباه الشرقي والغربي جراء الهزة الأرضية التي حدثت في تلك السنة.وتم ترميمه في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور 141هـ/758م. ثم تعرّض المسجد لزلزال آخر في العهد الفاطمي سنة 425 هـ/1033م فأعاد بناءه الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله 427هـ /1035م، وقد وصفه الرحالة الفارسي ناصر خسرو الذي زار المسجد بعد هذا الترميم عام 437هـ/1045م بوصف يشبه وصف المقدسي فقال: "على الساحة خمسة عشر رواقا، وعليها أبواب مزخرفة، ارتفاع كلً منها عشرة أذرع، وعرضه ستة أذرع".
أما اليوم فيتألف المسجد الأقصى من رواق أوسط كبير يقوم على أعمدة رخامية ممتداَ من الشمال إلى الجنوب، يغطيه جملون مرصع بألواح الرصاص، وينتهي من الجنوب بقبة عظيمة الهيئة والمنظر، كُروية الشكل، تقوم على أربعة دعامات حجرية تعلوها أربعة عقود حجرية، نتج عنها أربعة مثلثات ركنية، لتكون بمثابة القاعدة التي تحمل رقبة القبة. والقبة نفسها مكونة من طبقتين: داخلية وخارجية، زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية والجصية، وأما من الخارج فقد تمت تغطيتها بصفائح الألمنيوم، واستبدلت حديثا بألواح من الرصاص، وذلك في أثناء أعمال الترميم التي قامت به لجنة إعمار المسجد الأقصى. ويحيط بالرواق الأوسط من كلا جانبيه الغربي والشرقي ثلاثة أروقة من كل جانب جاءت موازية له وأقل ارتفاعا منه.
أما الأروقة الواقعة في القسم الغربي فقد غطيت بالأقبية المتقاطعة المحمولة على العقود والدعامات الحجرية والتي تم إنشاؤها في الفترة المملوكية، وأما القسم الشرقي فقد غطي بسقوف خرسانية تقوم على أعمدة وعقود حجرية تم ترميمها وإعادة بنائها على يد المجلس الإسلامي الأعلى (1357_1363هـ/ 1938-1943م.
ويُدخل إلى المسجد من خلال أبوابه السبعة الموجودة في الجهة الشمالية، والتي يؤدي كلُ منها إلى أحد أروقة المسجد السبعة، ويتقدم الواجهة الشمالية واجهة أخرى هي عبارة عن رواق تمت إضافته في الفترة الأيوبية، ويمتد من الشرق إلى الغرب، يتألف من سبعة عقود حجرية تقوم على دعامات حجرية، وعوضاً عن تلك الأبواب السبعة، فقد فتح بابان آخران في كل من الجهة الغربية والشرقية للمسجد، وباب واحد في الجهة الجنوبية وذلك في فترات متأخرة.