يقول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله، وهو يُحذر ممن يتصور أنَّ صيام عرفة وعاشوراء كافٍ في النَّجاة والمغفرة: لم يدرِ هذا المغتر أنَّ صوم رمضان والصَّلوات الخمس أعظمُ وأجلُّ من صيامِ يوم عرفة وعاشوراء، وهي إنَّما تكفر ما بينها إذا اجتنبت الكبائر، فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة لا يَقْوَيان على تكفير الصغائر إلا مع انضمام تركِ الكبائر إليها، فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصَّغائر.
ومن المغرورين مَن يظنُّ أن طاعته أكثر من معاصيه؛ لأنَّه لا يُحاسب نفسه على سيئاته ولا يتفقد ذنوبه، وإذا عمل طاعةً حفظها واعتبرها، كالذي يستغفر الله بلسانه أو يسبح الله في اليوم مائة مرة، ثم يغتاب المسلمين ويُمزِّق أعراضَهم، ويتكلم بما لا يرضاه الله طول نهاره، فهذا أبدًا يتأمل في فضائل التسبيحات والتهليلات، ولا يلتفت إلى ما ورد من عقوبة المغتابين والكذَّابين والنمامين إلى غير ذلك من آفات اللسان، وذلك من محض غرور.
الجواب الكافي (13).