
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». [صحيح البخاري (615)، ومسلم (437)].
(لو يعلم الناس) من المؤمنين، وفي وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم. (ما في النداء) بالأذان للصلوات من الثواب والخير والبركة والأجر.
عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: «إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ، أَوْ بَادِيَتِكَ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ: لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ، جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. [صحيح البخاري (609)]
وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)، رواه مسلم (387).
(والصف الأول) في الجماعة أي من الخير والأجر والبركة. «وقد قال العلماء في الحض على الصف الأول: فيه المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق لدخول المسجد، والقرب من الإِمام، واستماع قراءته، والتعلم منه، والفتح عليه، والتبليغ عنه، والسلامة من اختراق المارة بين يديه، وسلامة البال من رؤية من يكون قدامه، وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلين». [كوثر المعاني الدراري (8/ 261) محمَّد الخَضِر الشنقيطي].
وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يليه أولو الأحلام والنهى، فقَالَ: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». [صحيح مسلم (432)] "لأن الذين يصلون خلف الإمام مباشرة إذا كانوا من أهل الأحلام والنهى وذوي العقول الراجحة نقلوا إلى الناس علم إمامهم الذي يشاهدونه منه مع تذكيره لو نسى وبخلاف ما إذا كان الغالب على من حول الإمام الجهل فإنهم يحملون كلامه على غير محمله ويطيرونه كل مطير بلا حق ولا يذكرونه إذا نسى». [فقه الإسلام (2/ 115)]
(ثم لم يجدوا) شيئاً من وجوه الأولوية التي بها يستحقون الأذان والصلاة في الصف الأول.
(إلا أن يستهموا عليه) يقترعوا، أي يضربوا القرعة. إما في الأذان فبأن استووا في معرفة الوقت وحسن الصوت ونحو ذلك من شرائط المؤذن، وإما في الصف الأول، فبأن يَصِلوا دفعة واحدة ويستووا في الفضل، والشارع جعل القرعة معينة في كل موضع تتساوى فيه الحقوق. وفعلها الصحابة رضي الله عنهم فقد قال البخاري في "صحيحه": (ويذكر أن أقومًا اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد) وكان بالقادسية لما أصيب المؤذن، وذلك كان في صلاة الظهر.
(التهجير) التبكير إلى الصلوات. وقيل: التبكير بصلاة الظهر. والهاجرة: نصف النهار. «(التهجير) أي التبكير إلى الصلاة مطلقاً أي صلاة كانت، قاله الهروي، وصوبه النووي، واختاره ابن عبد البر إذ قال: هو البدار إلى الصلاة أول وقتها، وحمله الخليل وغيره على ظاهره، فقالوا: المراد الإتيان إلى صلاة الظهر في أول الوقت؛ لأن التهجير مشتق من الهاجرة، وهي شدة الحر نصف النهار، وهو أول وقت الظهر، وإلى ذلك مال البخاري إذ بوب على هذا الحديث في جامعه الصحيح ترجمة بلفظ: باب فضل التهجير إلى الظهر». [مرعاة المفاتيح (2/ 335)]
(العتمة) صلاة العشاء. (حبوا) المراد: لأتوا إلى المحل الذي يصليان فيه جماعة، وهو المسجد، ولو حبوًا، أي: يزحفون إذا منعهم مانع من المشي كما يزحف الصغير، والحديث يدل على استحباب القيام بوظيفة الأذان والملازمة للصف الأول والمسارعة إلى جماعة العشاء والفجر.
هذه خمس مسابقات إيمانية حري بك أن تسابق إليها.
حاول أن تستأذن من المؤذن وتؤذن لصلاة، حاول تكون في الصف الأول دائما. حاول أن تحافظ على صلاة الفجر والعشاء في جماعة حتى تكون من أهل الخير والبركة والتنافس.
أما صلاة المرأة ففي بيتها أفضل لها: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا». [(حسن) سنن أبي داود (570)] وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ» [(حسن) صحيح ابن خزيمة (1683) والمستدرك (850)] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ». [(صحيح) سنن أبي داود (567)] معنى ذلك: " فدل على أن الأجر الذي يحصل للرجل في المسجد يحصل لها، أو ما هو أكثر منه؛ لطاعتها الله ورسوله، وقربها لأمر الله ورسوله، فهي على خير عظيم، ولأن بيتها أصون لها وأبعد عن الفتنة، فإذا أطاعت الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلت في البيت يرجى لها مثل أجر المصلين في المسجد أو أكثر. [فتاوى نور على الدرب لابن باز (12/ 287)]
وصلِ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
انشر تؤجر وشاركنا تعليقاتك.