كان العرب في الجاهلية والإسلام يحمون الذمار، ويتفاخرون بحسن الجوار وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار. والإسلام يأمر بحسن المجاورة ولو مع الكفار وشر الناس من تركه الناس اتقاء شره. وتباعد عنه من يعرفه تجنبًا لضره. وأخبث الجيران من يتتبع العثرات. ويتطلع إلى العورات في سره وجهره، وليس بمأمون على دين ولا نفس ولا أهل ولا مال. وفي المثل السائر: " من فاته نفع إخوانه، فلا يفوتنه نفع جيرانه "
وحفظ الجار وكسب وده من مكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام ورغَّب فيها، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ.». [صحيح البخاري (6014)، ومسلم (2624)]
وعن عبد الله ابن عمرو بن العاصي عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - أنه قال: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره"». [(صحيح): مسند أحمد (6566) ت شاكر وقال إسناده صحيح، سنن الترمذي (2058) و"صحيح ابن حبان" (518) و (519)]
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ.». [صحيح مسلم (2625)]
وإذا عجزت عن بر جارك أو الإحسان إليه والاعتراف بفضله، فكف أذاك عنه ولا تضره ودعه يستريح في منزله.
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ». [صحيح مسلم (48)] وفي صحيح البخاري بلفظ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ». [ (6136)]
وما نراه اليوم من جفوة بين الجيران، وخصومات، وسوء عشرة، وعداوة في بعض الأحيان، ما هو إلا نتاج الإهمال والتفريط في الوسائل والطرق الشرعية التي تحفظ دفء العلاقات بين الجيران، وتنميها على أساس من المحبة والمودة والاحترام المتبادل. جعلني الله وإياكم من خيار خلقه، وأجارني وإياكم من أذية الجار والتهاون بحقه.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
انشر تؤجر وشاركنا تعليقاتك.