أعظم فضيلة لقيام الليل

من أفضل الأعمال وأجل الطاعات التي رغب فيها الشارع قيام الليل، فهو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله.
وقد خاطب الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بأن يتصدَّى لهذا الشرف العظيم والفضل الكبير، ليظفر بالمقام المحمود، فقال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً}». 
وقد مدح الله أهل الإيمان والتقوى، بجميل الخصال وجليل الأعمال، ومن أخص ذلك قيام الليل، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ (١٥) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ ‌الْمَضَاجِعِ ‌يَدْعُونَ ‌رَبَّهُمْ ‌خَوْفًا ‌وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)﴾ [السجدة: 15-17] 
ووصفهم بقوله: ﴿‌وَالَّذِينَ ‌يَبِيتُونَ ‌لِرَبِّهِمْ ‌سُجَّدًا ‌وَقِيَامًا (٦٤)﴾ [الفرقان: 64]
وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) ‌آخِذِينَ ‌مَا ‌آتَاهُمْ ‌رَبُّهُمْ ‌إِنَّهُمْ ‌كَانُوا ‌قَبْلَ ‌ذَلِكَ ‌مُحْسِنِينَ (١٦) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)﴾ [الذاريات: 15-18] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء، والاستكانة، والاستغفار.
 وصلاة الليل لها شأن عظيم في تثبيت الإيمان، والإعانة على جليل الأعمال، وما فيه صلاح الأحوال والمآل. قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ ‌وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (٢٦) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (٢٧) ﴾ [الإنسان: 26-27] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (المزمل:1-6)
 قال الفراء-رحمه الله-: ﴿أَشَدُّ وَطْئًا﴾ أي أثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة، والليل وقت الفراغ عن الاشتغال بالمعاش؛ فعبادته تدوم ولا تنقطع. 
واعلم -أرشدني الله وإياك- أن الشرف والكرامة في قيام الليل.
قيام الليل أفضلُ الصلوات بعد المكتوبات.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ ‌الصَّلَاةُ ‌فِي ‌جَوْفِ ‌اللَّيْلِ». [صحيح مسلم (1163)]
قرب الرب من عبده القائم
عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ ‌الرَّبُّ ‌مِنَ ‌العَبْدِ ‌فِي ‌جَوْفِ ‌اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ»: [سنن الترمذي (3579) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.]
وقربه تبارك وتعالى من عبده الذاكر في جوف الليل هو غاية الأماني، ونهاية الآمال، وقرة العيون، وحياة القلوب، وسعادة العبد كلها.
انتظرونا في الفائدة القادمة بإذن الله مع باقي فضائل قيام الليل..
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
شارك تؤجر بإذن الله...