آداب وفضائل صوم يوم عاشوراء

من شكر الله عز وجل على نعمه، ولأهمية اغتنام الفرص العظيمة التي تعين على الانتفاع بالأعمار القصيرة، والأنفاس المحدودة المعدودة نقف مع صيام يوم عاشوراء. 
‌وهو اليوم العاشر من شهر محرم، يوم انتصار نبي الله موسى عليه السلام. فله ‌فضيلة ‌عظيمة ‌وحرمة ‌قديمة، وصومه لفضله كان معروفا بين الأنبياء عليهم السلام، وقد صامه نوح وموسى عليهما السلام. وصامه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأمر المسلمين بصيامه؛ وقد كان أهل الكتاب يصومونه، وكذلك قريش في الجاهلية. 
لذا فيستحب للمسلمين أن يصوموا ذلك اليوم اقتداء بأنبياء الله، وطلبا لثواب الله، وأن يصوموا يوما قبله أو يوما بعده مخالفة لليهود، وعملا بما استقرت عليه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
عن أبي قتادة: أن رجلا سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء، فقال: صيام يوم عاشوراء ‌أحتسب ‌على ‌الله ‌أن يكفر السنة التي قبله». [صحيح مسلم (1162)]
«‌المراد ‌هنا ‌بالسيئات ‌التي ‌تُكَفَّر ‌في ‌هذا ‌العمل: صغائر الذنوب، أما كبائر الذنوب فلا يكفرها إلَاّ التوبة النصوح، وهذا عام في جميع الأعمال الصالحة التي وردت أنَّها تكفر الذنوب؛ كصوم يوم عرفة، ويوم عاشوراء، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والحج المبرور، وغير ذلك مما أتت به النصوص، وهذا قول جمهور العلماء». [توضيح الأحكام البسام (2/ 603)]
مراتب صيام عاشوراء:
 أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر معه، والله أعلم
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في صيامه أربع حالات:
الحالة الأولى: أنه كان يصومه بمكة ولا يأمر الناس بالصوم. عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه.» [صحيح البخاري (2002)، ومسلم (1125)] وفي رواية" من شاء فليصمه، ومن شاء أفطر.» [البخاري (1893)].
الحالة الثانية: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له، وكان يحبّ موافقتهم فيما لم يؤمر به، صامه، وأمر النّاس بصيامه، وأكّد الأمر بصيامه، والحثّ عليه، حتّى كانوا يصوّمونه أطفالهم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيما له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نحن أولى بموسى منكم، فأمر بصومه».  [صحيح البخاري (2004)، ومسلم (1130)] وفي رواية مسلم «فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا». 
وعن الربيع بنت معوذ قالت: «أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائما فليصم. قالت: فكنا نصومه بعد، ونصوم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار.». [صحيح البخاري (1960)، ومسلم (1136)] وفي رواية: «فإذا سألونا الطّعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يتمّوا صومهم». مسلم (1136) 
الحالة الثالثة: أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بصيام عاشوراء وتأكيده فيه.
عن معاوية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر.». [صحيح البخاري 2003] 
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده». [صحيح مسلم (1128)] 
الحالة الرابعة: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على ألاّ يصومه مفردا، بل يضمّ إليه يوما آخر مخالفة لأهل الكتاب في صيامه؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: «حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم». [صحيح مسلم (1134)] وفي رواية «لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التّاسع». مسلم (1134). [لطائف المعارف بتصرف]. وصلِ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
انشر تؤجر وشاركنا تعليقاتك.