يا من أنهكَتْكَ الحياةُ بأثقالها، وأرهقَكَ الزمانُ بصخبهِ وضوضائهِ.. توقّف قليلًا، وأعرْ سمعَ قلبِكَ لنداءِ السماءِ حين يُنادي: ﴿حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ﴾.
إنه ليس نداءً للأجسادِ فحسب، بل دعوةٌ رقيقةٌ إلى الأرواحِ لتعودَ إلى مولاها، وإلى القلوبِ لتطمئنَّ بذكرِ خالقِها. وأعظمُ ما يُذكِّرُك بالجنةِ أن تتفكّرَ في فضل الصلاة.
الصلاةُ -يا رفيقَ الدربِ - ليست مجرّدَ ركعاتٍ تُؤدَّى، بل هي موعدُ اللقاء مع الله، وسرُّ النور في الدنيا، وسببُ الرفعةِ في الآخرة.
في صمت الفجر وهدوء الليل يتجلّى فضل الصلاة نورًا يلامس الروح ويُسكّن الضمائر. فمن عرف فضل الصلاة لم يفرّط فيها.
فضل الصلاة
كانَ النَّبيُّ ﷺ يُرغِّبُ النَّاسَ في الطَّاعاتِ والعباداتِ بذِكرِ الأجرِ والثَّوابِ عليها؛ فيُحبِّبُ الناسَ في العبادةِ، ويبعثُ فيهم شوقًا إلى الجنّةِ، لم يكن يُرهِبُهم فحسب، بل كان يُربّيهم على الأملِ والرَّجاءِ، فيسمو الإيمانُ في قلوبِهم ويزكو العمل.
فضل الصلاة عظيم؛ إنها الواحة التي يرتوي منها المؤمن الصادق، فالصلاة هي نهر من خيرٍ يغسل القلوب ويعيننا على طاعة الله.
لو علمَ الناسُ فضل الصلاة حقَّ العلم، لتركوا الدنيا إلى المساجدِ أفواجًا. لقد عظَّمَ اللهُ شأنَ الصلاةِ فقال: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: 45]، فهي مَعينُ القوّةِ في الشدائدِ، وسلاحُ المؤمنِ حينَ تضيقُ السُّبلُ، وتشتدُّ الكروبُ.
وكانَ نبيُّنا ﷺ إذا حزَبَه أمرٌ فزعَ إلى الصلاةِ، فهي راحةُ القلوبِ ودواءُ الأرواحِ.
ما أعظمَها من نعمةٍ تُطفئُ نارَ الهمِّ، وتشرحُ الصدرَ، وتُنيرُ البصيرةَ بنورِ القُربِ من الله.
الصلاة عماد الدين
تأمّل فضل الصلاة؛ فهي صِلَةُ العبدِ بربِّه، وسبيلُه إلى النورِ في قلبِه، وسبيلُ الثباتِ على الطريقِ المستقيمِ.
عن معاذِ بنِ جبلٍ رضِي اللهُ عنه، قال رسولُ الله ﷺ «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد»
[سنن الترمذي (2616) وقال «هذا حديث حسن صحيح]
هذه الكلمات النبوية، توضّح فضل الصلاة وهي أعظم أركان الدين.
إنها العمودُ الذي لا يقومُ بناءُ الإسلامِ إلا به، فإذا سقطَ العمودُ انهارَ السقفُ وتداعى البنيانُ.
ولذلك قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا حظَّ في الإسلامِ لِمَن تركَ الصلاة».
الصلاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
[صحيح البخاري (8) ومسلم (16)]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: بَعَثَ مُعَاذًا رضي الله عنه إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: ادْعُهُمْ إِلَى: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ.
[صحيح البخاري (1395) ومسلم (19)]
الصلاة آخر وصايا الحبيب ﷺ لأُمَّتِه
حينَ أثقَلَ المرضُ جسدَ النبيِّ ﷺ، كانتْ كلماتهُ الأخيرةُ وصيّةً خالدةً، «الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ».
وصيّةُ الوداعِ التي نبعَتْ من قلبٍ رحيمٍ، يحرصُ على أُمَّتِه أن لا تضيّعَ صِلتَها بربِّها، فهي النورُ في الدنيا، والنجاةُ يومَ القيامةِ.
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قَالَ: كَانَ آخِرُ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ: "الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»
[(صحيح) سنن أبي داود (5156)، وابن ماجه (2698) واللفظ له، وأحمد (585)]
الصلاة كفارة للذنوب والخطايا
1-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ. قَالُوا: لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا».
[صحيح البخاري (528) ومسلم (667)]
2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «الصَّلَاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ». [صحيح مسلم (233)]
3- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: مَا مِنِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ».
[صحيح مسلم (228)]
فهي تطهّرُ الروحَ كما يُطهِّرُ الماءُ الجسد، وتغسلُ القلبَ من أدرانِ الخطايا، وتعيدُهُ طاهرًا نقيًّا.
كثرةُ الصلاة سبب لمرافقة النبي ﷺ في الجنة
من عرف فضل الصلاة علمَ أنّها مفتاحُ الجنةِ وسرُّ الفلاحِ في الدنيا والآخرة.
يا لسُموِّ الأمنيةِ التي سكنَتْ قلبَ ربيعةَ بنِ كعبٍ رضي الله عنه، إذ قال للنبيِّ ﷺ: أسألُك مرافقتَك في الجنة!
فقال له الحبيبُ ﷺ مبيّنًا الطريقَ الواضحَ: «فأعنّي على نفسك بكثرةِ السجود»
عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه، قَالَ: «كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: سَلْ. فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ! قَالَ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ».
[صحيح مسلم (489)]
فمرافقةُ النبيِّ ﷺ لا تُنالُ بالأماني، بل تُدرَكُ بالمجاهدةِ، وبكثرةِ السجودِ في الصلواتِ، فكلُّ سجدةٍ ترفعُك درجةً وتُمحى بها خطيئةٌ
الصلاة نُورُ الوجه وضياءُ القلب
قال ﷺ: «وَالصَّلَاةُ نُورٌ» [صحيح مسلم (223)]
تأمّل فضل الصلاة نورٌ في الوجهِ يُرى، ونورٌ في القلبِ يُشعّ، ونورٌ على الصراطِ يُضيء.
«الصلاةُ تُنيرُ الوجهَ، وتشرحُ الصدرَ، وتورثُ في القلبِ أنسًا بالله لا يُدركُه إلا من ذاقه».
فضل الصلاة لا يزولُ بزوالِ الدنيا، فهي النورُ الذي يُضيءُ القبرَ والآخرةَ.
عن بريدة الأسلمي، عن النبي ﷺ قال: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»
[(صحيح) سنن الترمذي (223)]
ومن واظبَ على الصلاةِ عاشَ في أنسٍ مع الله، لا يضطربُ قلبُه مهما عصفتِ الفتنُ، ولا يظلمُ دربُه مهما غابَ عنه الناس.
الصلاةُ سكينةُ القلب ومُرتقى الأرواح
تأمّل قولَ النبي ﷺ حين قال لبلالٍ رضي الله عنه: «يا بلالُ، أقِمِ الصَّلاةَ، أرِحْنا بها»
[(صحيح) سنن أبي داود (4985)]
إنه لم يقل: أرحْنا منها، لأنّ الصلاةَ ليست عبئًا يُلقى على العبد، بل راحةٌ تُسكَنُ بها النفسُ ويُشفى بها القلبُ.
ولذلك قيل في فضل الصلاة «الصلاةُ قُرّةُ عينِ المحبين، ولذّةُ أرواحِ العابدين، وبستانُ العارفين».
كلّ ركعةٍ تُقرّبُكَ إلى الله، وكلّ سجدةٍ ترفعُكَ عندهُ درجةً.
فضل الصلاة في تهذيب النفس وإشراق الروح
الصلاة تطهر القلوب من الذنوب وتَنهَى عن الفَحشاءِ والمُنكَرِ وترتقي بأرواح العباد، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]
أي: إنَّ الصَّلاةَ المُقامةَ بحُدودِها وخُشوعِها مِن شأنِها أن تَدعُوَ صاحِبَها إلى اجتِنابِ الوُقوعِ في الفَحشاءِ والمُنكَرِ.
«ووجهُ كَونِ الصَّلاةِ تَنهَى عن الفَحشاءِ والمُنكَرِ: أنَّ العَبدَ المُقيمَ لها، المتمِّمَ لأركانِها وشُروطِها وخُشوعِها: يَستنيرُ قَلبُه، ويتطَهَّرُ فؤادُه، ويَزدادُ إيمانُه، وتَقوى رغبتُه في الخيرِ، وتَقِلُّ أو تَعدَمُ رَغبتُه في الشَّرِّ؛ فبالضَّرورةِ مُداومتُها والمحافظةُ عليها على هذا الوَجهِ تَنهى عن الفَحشاءِ والمُنكَرِ، فهذا مِن أعظَمِ مَقاصِدِها وثَمَراتِها. وثَمَّ في الصلاة مقصود أعظم من هذا وأكبر، وهو ما اشتملت عليه من ذكر الله، بالقلب واللسان والبدن. فإن الله تعالى، إنما خلق الخلق لعبادته، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة، وفيها من عبوديات الجوارح كلها، ما ليس في غيرها، ولهذا قال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}»
[تفسير السعدي (ص632)]
فمن فضل الصلاة أن من حافظ عليها، أعانته على الاستقامة وترك الفواحش.
المحافظة على الصلاة
أمر الله تعالى بالمحافظة عليها في كل حال؛ حضرا وسفرا، سلما وحربا، صحة ومرضا.
قال اللهُ تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)﴾ [البقرة: 238-239]
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».
[صحيح البخاري (1117)]
فوائد الصلاة على الفرد والمجتمع
من فوائد الصلاة أنها تحقق صحة النفس وسعادتها. والصلاة تعين المسلم على إزاحة هموم الدنيا وأحزانها.
والصلاة منشطة للجسم مذهبة للخمول خاصة إذا كان المصلي كثير النوافل وكثير المشي إلى المساجد.
وللصلاة فائدة هامة وعظيمة للمجتمع المسلم وذلك من خلال الصلاة جماعة في المساجد، والتعارف والتقارب بين الناس في مثل تلك الأماكن الفاضلة، توحد القلوب على العبادة، واستقامتها في صف واحد، من غير تفريق بين كبير ولا صغير، ولا غني ولا فقير.
تحقق الصلاة صحة النفس وسعادتها.
وذلك من وجوه:
1- تحقيق الحكمة الكبرى من خلق العباد في هذه الحياة الدنيا، وإنزال الكتب، وإرسال الرسل: وهي تحقيق العبادة الخالصة لله جل جلاله، وشعور العبد أنه مرتبط ـ دائما ـ وفي كل أوقاته إلى هذه العروة الوثقى، وأنه: ما ذهب في مذهب، وراح مراحا، إلا وهو عائد إلى ربه، مقبل عليه.
قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)﴾ [الأنعام: 162-163]
2- من المعلوم من نصوص الشرع، ومن واقع حياة الناس أن أصح الناس نفسا وأعدلهم مزاجا وأكثرهم سعادة هم الأتقياء الصالحون.
قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97]
وأعظم باب لتحقيق الصلاح والتقوى هو الالتزام بالصلاة وإقامتها حق الإقامة من غير إخلال بها، فمن أقامها وحافظ عليها بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، فإنه يبعد نفسه عن سبل المنكر والفحشاء، ويحقق تقوى الله تعالى، ويدخل في زمرة عباد الله الصالحين.
3- هذه الحياة لا تخلو من الهموم والأحزان، ولابدّ للإنسان للخروج من ضغوطها أن يكون عنده من يشكو له همه وأحزانه، والمسلم إنما يشكو همه وحزنه إلى الله تعالى.
كما حكى الله تعالى قول يعقوب عليه السلام: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: 86]
وأفضل وقت وحال لبث الإنسان أحزانه وهمومه إلى الله تعالى، هو وقت الصلاة؛ لأنه يكون بين يديه والعبد أقرب ما يكون من ربه حال سجوده. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ.» [صحيح مسلم (482)]
ومن فضل الصلاة أنها تعين المسلم على إزاحة هموم الدنيا وأحزانها.
قال الله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة: 45]
وكان النبي ﷺ إذا جاءه ما يهمه فزع إلى الصلاة. عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «كان النبي ﷺ إذا حَزَبَهُ أمْرٌ صَلّى» [(حسن) سنن أبي داود (1319)]
فالحاصل أن الصلاة تساهم في تقويم نفس المسلم واعتدال مزاجها.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)﴾ [المعارج: 19-23]
4- وهي فوائد تبعية، وليست مقصودة بالقصد الأصلي للعبادة: أن كثيرا من الفوائد والمصالح الجسدية والبدنية: تعود على العبد، بما يحافظ عليه من الصلاة في مواقيتها؛ الصلاة لا تتم إلا بشرط الوضوء، وطهارة الجسد والثياب وبقعة الصلاة من النجاسات، ويندب للمصلي استعمال السواك، وأن يستعمل أحسن ثيابه، وأن يغتسل ويتطيب لصلاة الجمعة، كما يجب عليه الاغتسال للصلاة إذا أصابته جنابة.
وهذه الأعمال أنفع وقاية للإنسان من الأمراض، والحكمة الطبية تقول: الوقاية خير من العلاج.
5- ومن فضل الصلاة أنها منشطة للجسم مذهبة للخمول خاصة إذا كان المصلي كثير النوافل وكثير المشي إلى المساجد.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ على كُلَّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ. [البخاري (1142)، ومسلم (776)]
فضل الصلاة في تربية النفس وبناء الأمة
من يتأمل في فضل الصلاة على المسلم: يجدها مدرسةً ربانيةً لتربيةِ المسلم على الانضباط، والطهارة، والخشوع، والتواضع، والتعاون الجماعيّ في صلاةِ الجماعة.
هي تذكيرٌ متكررٌ بخضوعِ العبدِ لخالقه، وتطهيرٌ مستمرٌّ للنفسِ من أمراض القلوب والأبدان.
فما أحوجَ شبابَ الأمةِ اليومَ إلى أن يفهموا أنَّ الصلاةَ ليست عادةً تراثيةً، بل مشروعُ حياةٍ يُصلحُ الفردَ والمجتمع.
خاتمةٌ
يا من قرأتَ فضل الصلاة، اسألْ نفسك بصِدق: هل صلاتي هي قُرّةُ عيني كما كانت لرسولِ الله ﷺ؟
هل أُقبِلُ عليها بشوقٍ أم أثقلُ بها كأنها حملٌ؟
إذا وجدتَ في هذه الكلمات ما يلهمك نحو المزيد من الخير، فلا تبخل بمشاركتها. وشارِكنا في التعليقات كيف تغيّرت حياتك بفضل الصلاة، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المحافظين على الصلاة.
وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
هل استفدت من الفائدة
_______
للاستزادة








share facebook
share whatsApp
share twitter
share telegram
copy