Artikel Almosaly >> إيمانيات

أسباب دفع الهم والحزن

أسباب دفع الهم والحزن
2023/08/29
93.043

لا تخلو الحياة من الهموم والغموم والآلام والأحزان، فهي دار المشقة والتعب، قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد: 4).
والراحة عند أول قدم في الجنة، فليس فيها هم ولا غم، قال تعالى: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (الحجر:48)، وأهلها لا تتكدر خواطرهم.
وما يصيب الإنسان من مكروه إن كان من أمر ماض أحدث الحزن، وإن كان من مستقبل أحدث الهم، وإن كان من أمر حاضر أحدث الغم. 
وهذه الأحزان تدفع المؤمن للجوء إلى الله، والانكسار بين يديه، والتضرع إليه، فيحصل بذلك للقلب الراحة والطمأنينة، واستشعار القرب من الله عز وجل.
فما هي الأسباب التي تدفع عنك الهم والغم والحزن؟

  • الإيمان والعمل الصالح:

قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} (النحل: 97). وهذا وعد من الله لمن آمن وعمل صالحًا، أن يحييه حياة سعيدة.

  • التقلب بين الشكر الصبر:

فيتلقى النّعم والمسارّ بقبولٍ لها، وشكرٍ عليها، ويتلقى المكاره والهم والغم بالمقاومة لِما يُمْكِنُهُ مقاومته، وتخفيف ما يمكنه تخفيفه، والصبر الجميل لما ليس له عنه بُدٌّ، فيحصّل منافع كثيرة من جَرَّاء حصول المكاره.
عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". 
 صحيح مسلم (2999) 
الفرح بما يحصل له من الأجر العظيم، جزاء صبره واحتسابه على ما يصيبه من هموم الدنيا:
قال ﷺ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَاّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». رواه الشيخان.
وفي رواية لمسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَاّ رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً».
فيعلم المسلم أن ما يصيبه من هموم، وغموم إنما هو تكفير لسيئاته، وتكثير لحسناته، قال أحد السلف: «لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفاليس».

  • معرفة حقيقة الدنيا وأنّ الوقت أغلى من أن يذهب في الهمّ والغمّ:

فإذا علم المؤمن أن الدنيا فانية، ومتاعَها قليل، وما فيها من لذة فهي مكدّرة ولا تصفو لأحد، وهي نَصَبٌ وأذى وشقاء وعناء؛ ولذلك يستريح المؤمن إذا فارقها.
فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ صحيح البخاري (6512) صحيح مسلم (950).
وموت المؤمن راحة له من غموم الدنيا وهمومها وآلامها كما في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «دَعُوهُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا» (رواه ابن حبان 3014 وغيره، وصححه الألباني).وهذا المعنى الذي يدركه المؤمن لحقيقة الدنيا يُهوّن عليه من وقع المصاب وألم الغمّ ونكد الهمّ.

  • الدعاء:

عن أنس بن مالك واصفًا حال النبي ﷺ: «كُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» (رواه البخاري). (ضَلَع الدَّيْن) ثقله وشدته. (غَلَبَة الرِّجَال) قَهْرهم.
ومن أعظم الأدعية في إذهاب الهمّ والغم: الدعاء العظيم الذي حثّ النبي ﷺ كلّ من سمعه أن يتعلّمه ويحفظه، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "مَا أَصَابَ مُسْلِمًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي فِي يَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ؟ قَالَ: "بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ". صحيح ابن حبان (972).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ». رواه الشيخان.
فإذا لهج العبد بهذه الأدعية بقلبٍ حاضر، ونية صادقة، مع اجتهاده في تحصيل أسباب الإجابة، حقق الله له ما دعاه، وانقلب همه فرحًا وسرورًا.

  • الصلاة على النبي ﷺ:

من أعظم ما يفرج الله به الهموم؛ فالصلاة على النبي ﷺ سبب لغفران الذنوب ولكفاية العبد ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة.
قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي، فَقَالَ: «مَا شِئْتَ» قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ». سنن الترمذي (2457) بسند صحيح.

  • الإكثار من ذكر الله:

فإن لذلك تأثيرًا عجيبًا في انشراح الصدر وطمأنينته، وزوال همه وغمه، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)} (الرعد:28).
وحريٌّ للْقُلُوب أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلَى من محبة خالقها، والأنْسَ به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذِكْرُها له.

  • اللجوء إلى الصلاة:

قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} (البقرة:45)، وقَالَ حُذَيْفَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى» سنن أبي داود، بسند حسن. (إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ) أَيْ نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ مُهِمٌّ أَوْ أَصَابَهُ غَمٌّ.
صبرًا أخي المهموم: غمسة في الجنة تُنْسي كل شقاء وبؤس وبلاء في الدنيا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

Artikel terkait

2023/08/27
70.358

قوم يباهي الله بهم الملائكة

أصناف من الناس لهم صفات معينة، قد تكون منهم وأنت لا تدري! فمن هذه الفئة المباركة؟

Dengan aplikasi Al-Mosaly, Ketahui masjid terdekat, di mana pun Anda berada, dengan sangat akurat.

Unduh sekarang

Pemrograman Madar © 2022 Semua hak dilindungi undang-undang bagi pemrograman Madar