قال قَاسِمَ بْنَ عُثْمَانَ الْجَوْعِيَّ: رَأَيْتُ فِي الطَّوَافِ حَوْلَ الْبَيْتِ رَجُلًا فَتَقَربت مِنْهُ فَإِذَا هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ: اللهُمَّ قَضَيْتَ حَاجَةَ الْمُحْتَاجِينَ وَحَاجَتِي لَمْ تُقْضَ. فَقُلْتُ لَهُ: مَا لَكَ لَا تَزِيدُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ. فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ: كُنَّا سَبْعَةٌ رُفَقَاءٌ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى، غَزَوْنَا أَرْضَ الْعَدُوِّ فَاسْتُؤسِرْنَا كُلُّنَا، فَاعْتُزِلَ بِنَا لَتُضْرَبَ أَعْنَاقُنَا، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ مُفَتَّحَةً عَلَيْهَا سَبْعُ جَوَارٍ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ عَلَى كُلِّ بَابٍ جَارِيَةٌ، فَقَدِمَ رَجُلٌ مِنَّا فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، فَرَأَيْتُ جَارِيَةً فِي يَدِهَا مِنْدِيلٌ، قَدْ هَبَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى ضُرِبَتْ أَعْنَاقُ سِتَّةٍ، وَبَقِيَتُ أَنَا، وَبَقِيَ بَابٌ وَجَارِيَةٌ، فَلَمَّا قَدِمْتُ لِتُضْرَبَ عُنُقِي، اسْتَوْهَبَنِي بَعْضُ رِجَالِهِ فَوَهَبَنِي لَهُ، فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ: أَيُّ شَيْءٍ فَاتَكَ يَا مَحْرُومُ. وَأَغْلَقَتِ الْبَابَ، وَأَنَا يَا أَخِي مُتَحَسِّرٌ عَلَى مَا فَاتَنِي.
قَالَ قَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ: أُرَاهُ أَفْضَلَهُمْ، لِأَنَّهُ رَأَى مَا لَمْ يَرَوْا وَتُرِكَ يَعْمَلُ عَلَى الشَّوْقِ.
راجع: شعب الإيمان (6/ 168).