
الرضا بالله من أجل صفات المؤمنين، فحياتهم كلها لأجل رضا الله سبحانه وتعالى.
والمؤمن بعلم أن الحياة لا تسير دائماً على نسق واحد، بل هي متبدلة متغيرة، { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 140].
وهذا التبادل والتغيير يكون بين يسر وعسر، غنى وفقر، صحة ومرض، وقد يكون بين المنزلة نفسها ولكن بتفاوت، فهناك من يكون غنياً ثم يزداد غنى، أو يقل غناه ولكن ليس إلى حد الفقر، وقد يزداد الفقير فقراً، أو يقل فقره ولكن ليس إلى حد الغنى، وجميعنا ندور حول هذه المنازل والدرجات، سواء في المال أو الصحة أو العمل أو الدراسة وغير ذلك من شؤون الحياة.
والمسلم في كل هذه الأحوال ليس له إلا الرضا بالله والرضا عن الله، وهذا المقام الرفيع من أعظم مقامات الإيمان، فهو دليل على استشعار قرب ربك وملاحظتك لحكمته سبحانه في كل أمور حياتك.
فعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا». صحيح مسلم (1/ 62).
والرضا له منازل ثلاثة:
1- الرِّضا بما قسمه الله.
2- الرِّضا بقضاء الله وقدره.
3- الرِّضا بالله عمَّا سواه.
إن الرضا بما قسمه الله لك منزلة عظيمة، فلا تتسخط أبداً على حالك، ولا تنظر لما في يد غيرك، فتعيش حياة مطمئنة ليس فيها كدر أو غم أو هم، وإنما راضياً بكل ما قسمه الله لك.
والرضا بقضاء الله وقدره، هو أعظم ما تواجه به مصائب الدنيا وكدرها وبلواها، وهذه لها عند الله أجر عظيم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال ﷺ: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ». سنن الترمذي بسند حسن صحيح.
فمن رضي فله الرضا، وأي رضا هذا؟ إنه الرضا من الله عزوجل.
وأما الرضا بالله عما سواه، فهو لا يأت إلا بعد أن تحقق الرضا بما قسمه الله لك والرضا بقضاء الله وقدره، فإن فعلت ذلك أصبحت راضياً بالله عما سواه سبحانه، وهنا تأتي الغاية العظمى التي نسعى لها حميعنا وهي أن يرضى الله عنا، {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: 119].
فانظر كيف قدم سبحانه رضاه عنهم، فلن يصل المسلم إلى رضاه عن ربه حتى يرضى الله عنه، ولن يرضى الله عنه حتى يحقق منازل الرضا الثلاثة: الرضا بما قسمه الله، الرضا بالقضاء والقدر، الرضا بالله عما سواه.
اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الرِّضا بعدَ القضاءِ، وبردَ العيشِ بعدَ الموتِ، ولذَّةَ النَّظرِ في وجهِكَ، وشوقًا إلى لقاكَ..
شارك الفائدة مع أحبابك، واكتب لنا بالتعليقات أدعية وأذكاراً متعلقة بالرضا علمنا إيانا النبي ﷺ....