
الأوقات المنهي عن الصلاة فيها معلومة، وهي خمسة: من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس .
ومن طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح ، ويقدر هذا الوقت باثنتي عشرة دقيقة، والاحتياط جعله ربع ساعة.
وعند قيام الشمس في الظهيرة حتى تزول عن كبد السماء، ربع ساعة تقريبًا.
ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس .
وعند شروع الشمس في الغروب إلى أن يتم ذلك .
فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ». البخاري (1197) ومسلم (827).
فقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة) يشمل جميع الصلوات، ولكن قد خص منه بعض الصلوات بالنص، وبعضها بالإجماع، بجواز فعلها في هذه الأوقات، ومن ذلك:
أولًا: إعادة الجماعة، مثل أن يصلي الإنسان الصبح في مسجده، ثم إذا ذهب إلى مسجد آخر فوجدهم يصلون الصبح فإنه يصلي معهم، ولا إثم عليه ولا نهي، والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ذات يوم في منى، فلما انصرف رأى رجلين لم يصليا معه، فسألهما لماذا لم تصليا؟ قالا: صلينا في رحالنا، قال: «فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة» وهذا بعد صلاة الصبح. سنن الترمذي (1/ 425)، وصححه الألباني.
ثانيًا: إذا طاف الإنسان بالبيت، فإن من السنة أن يصلي بعد الطواف ركعتين خلف مقام إبراهيم، فإذا طاف بعد صلاة الصبح فيصلي ركعتين للطواف. ومن أدلة ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار». سنن الترمذي (3/ 211)، وصححه الألباني. فإن بعض العلماء استدل بهذا الحديث على أنه يجوز إذا طاف أن يصلي ركعتين ولو في وقت النهي.
ثالثًا: إذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب، وكان ذلك عند زوال الشمس، فإنه يجوز أن يصلي تحية المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس فدخل رجل فجلس فقال له: (أصليت ؟ قال: لا. قال: «قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما». صحيح مسلم (2/ 597).
رابعًا: دخول المسجد: فلو أن شخصًا دخل المسجد بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة العصر، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ لأن هذه الصلاة لها سبب.
خامسًا: كسوف الشمس: فلو كسفت الشمس بعد صلاة العصر، وقلنا: إن صلاة الكسوف سنة، فإنه يصلي الكسوف، أما إذا قلنا بأن صلاة الكسوف واجبة، فالأمر في هذا ظاهر ؛ لأن الصلاة الواجبة ليس عنها وقت نهي إطلاقًا.
سادسًا: إذا توضأ الإنسان جاز أن يصلي ركعتين في وقت النهي؛ لأن هذه الصلاة لها سبب.
سابعًا: صلاة الاستخارة: فلو أن إنسانًا أراد أن يستخير فإنه يصلي ركعتين، ثم يدعو دعاء الاستخارة، فإذا أتاه أمر لا يحتمل التأخير فاستخار في وقت النهي فإن ذلك جائز.
والخلاصة أن هذا الحديث: «لا صلاة بعد الصبح، ولا صلاة بعد العصر» مخصوص بما إذا صلى صلاة لها سبب فإنه لا نهي عنها.
راجع: مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (14/344).