منذ أن سطع نجم شيخ الإسلام ابن تيمية في أحداث الهجوم على الشام وجراءته في الكلام مع ملك التتار قازان، وبطولاته في شقحب وغيرها، والحاقدون والحاسدون من المتفقهة والمتعصبة والصوفية والمبتدعة يتربصون بالشيخ الدوائر، وقلوبهم تعتمل عليه غلاً وحسدًا من حب الناس له وطاعتهم إياه فيما يأمرهم وينهاهم، حتى وجدوا ضالتهم في سؤال قد أجاب عليه الشيخ قد أتاه من مدينة واسط بالعراق يستفسر فيه السائل عن عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات وحقيقة الإثبات والتأويل، فأجاب ابن تيمية إجابة شافية كافية جامعة مانعة، فحضر هؤلاء الحاقدون عند نائب السلطان بالشام، وأحضروا القضاة والعلماء والأعيان ومعهم الشيخ ابن تيمية وعقدوا له مجلسًا كبيرًا في 8 رجب 705هـ لمناقشة العقيدة الواسطية.
قرئت هذه العقيدة بمحضر منهم وبدأ النقاش في بعض النقاط وبرز عدد من المشايخ لمناظرة الشيخ ابن تيمية، منهم الشيخ صفي الدين الهندي شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ولكنه لم يلبث للشيخ فواق ناقة، إذ لاطمت ساقيته بحرًا كما يقولون، ثم برز آخر وهو كمال الدين ابن الزملكاني وهو من تلاميذ ابن تيمية أصلاً وقاوم في المناظرة قليلاً، ولكنه ما لبث أن سلّم بصحة ما ورد في العقيدة، وعاد ابن تيمية لبيته معظمًا مكرمًا حتى أن الناس قد حملوا له الشمع من باب النصر حتى بيته، واتضح بعد ذلك أن المحرض على هذه الفتنة هو شيخ المالكية ابن مخلوف والشيخ نصر المنبجي وهما من ألد أعداء الشيخ، وكان ابن تيمية قد كشف جهل ابن مخلوف في فتاوى عديدة، وكشف فساد عقيدة المنبجي وأنها مثل عقيدة ابن عربي الحلولي الاتحادي.
راجع: البداية والنهاية (14/40ـ 42)، المختار المصون (1/39).