
إن من أقوى عوامل تحفيز النفس على الطاعة والعبادة وفعل الخيرات، هو معرفة أحوال الطائعين والعُباد، وكيف كانوا يحرصون على الخير، والمولى عز وجل يقول في كتابه عن القصص التي وردت في كتاب الله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111].
فالإنسان الفطن هو الذي يأخذ العبرة والموعظة من هذه المواقف، وهو كذلك الذي يأخذ الفائدة والمنفعة من مواقف النبي ﷺ وأصحابه رضوان الله عليهم، وعباد الله الصالحين.
ومن المواقف التي تدفع المصلي دفعًا لتحسين صلاته وتجويدها، هذه المواقف:
عن القاسم بن محمد، قال: غدوت يوماً وكنت بدأت بعائشة رضي الله عنها أسلم عليها فإذا هي تصلي الضحى وتقرأ {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27]، وتبكي وتدعو وتردد الآية، فقمت حتى مللت وهي كما هي، فلما رأيت ذلك ذهبت إلى السوق فقلت أفرغ من حاجتي ثم أرجع ففرغت من حاجتي ثم رجعت وهي كما هي تردد وتبكي وتدعو.
وكان العنبس بن عقبة رحمه الله يسجد حتى تقع العصافير على ظهره فكأنه جذم حائط.
وهذا حبيب بن أبي ثابت رحمه الله عندما يسجد يقول عنه أبو بكر بن عياش رحمه الله: "فلو رأيته قلت ميت، -يعني من طول السجود-".
وعن ابن وهب قال: «رأيت الثوري في المسجد الحرام بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع رأسه حتى نودي بصلاة العشاء» .
وعن ميمون بن حيان، قال: «ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتا في صلاته قط خفيفة ولا طويلة، ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدمه، وإنه لفي المسجد في الصلاة فما التفت».
وسُئل خلف بن أيوب رحمه الله: «ألا يؤذيك الذباب في صلاتك فتطردها؟ قال: أريد أن أعود نفسي أن لا يفسد عليً شيء في صلاتي، قالوا وكيف تصبر؟ فقال لهم: لقد بلغني -وذلك في عصره- أن الفساق يصبرون تحت أسواط السلطان فيقال: فلان صبور وكانوا يفتخرون بذلك وأنا قائم بين يدي ربي أفأتحرك لذبابة ولا أصبر».
وهذا أبو طلحة رضي الله عنه صلى في حائط له -يعني بستان- وفيه شجر فأعجبه طائر صغير طار في الشجر يلتمس مخرجًا، فأتبعه ببصره فلم يدر كم صلى من ركعة، فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابه من الفتنة ثم قال: «يا رسول الله هو صدقة فضعه حيث شئت».
فلا توجد لذة ولا متعة عندهم تساوي لذة الخشوع في الصلاة، فضحوا لأجلها بكل عزيز وكل غالٍ ونفيس.
اللهم اجعلنا من الخاشعين في صلاتهم الصابرين على هذه الطاعة العظيمة.
ولا تنس مشاركة الفائدة مع أحبابك.... كن نبراسًا في الدلالة على الخير.
المصادر:
الإحياء (1/ 179).
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (2/ 290).
الزهد للإمام أحمد (290).
تهذيب النفوس للقرب من الملك القدوس (563).
سير أعلام النبلاء (/ 182).
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (7/ 57)
السنن الكبرى للبيهقي (2/ 492).