
كثيراً ما نرى أناس يدعون بأدعية فيستجاب لهم، فيظن كثيرٌ منا أنه لو دعا بمثل هذه الأدعية فإنه يُستجاب له ولا شك.
وهذا مفهوم خاطئ في معنى الدعاء، وفقد لسر عظيم من أسرار الدعاء.
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية من دعا بها اُستجيب له، وهي كثيرة، وأقات من دعا فيها اُستجيب له، كساعة الإجابة يوم الجمعة، وأحوال من دعا فيها اُستجيب له، كالصائم والمسافر والدعاء بظهر الغيب، والوالد لولده.
لكن كل هذه الأحوال والأوقات والأدعية، يلزمها أمر مقرون بها، وهو أعظمها، ألا وهو حال الداعي.
حيث نجد النبي صلى الله عليه وسلم يرشد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة»، فلابد من النظر إلى حالنا عند الدعاء، هل قدمنا طاعة لله حال الدعاء أو قبله، هل تحرينا الحلال، كذلك اليقين الجازم باستجابة الدعاء.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءه رجل يشكو إليه مرض أخيه، فقال: «اسقه عسلاً» فيذهب الرجل ويعود ويخبر النبي أن العسل لم يشفِ أخاه، فيخبره النبي: «صدق الله وكذب بطن أخيك».
والسر في ذلك أن المريض كان يأخذ هذا العسل على سبيل التجربة، وليس على سبيل اليقين.
ولعل المعنى الظاهر لهذا الأمر نجده في ماء زمزم، فنرى بعض الناس يشرب ويغتسل من زمزم فيرزق الشفاء، وآخرون لا يحدث لهم أي تغيير، والسر في اليقين، «زمزم لما شرب له».
فاجتماع هذه الأمور في حال الداعي دليل بإذن الله على استجابة الدعاء.
يقول ابن القيم رحمه الله: «كَثِيرًا مَا تَجِدُ أَدْعِيَةً دَعَا بِهَا قَوْمٌ فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ، فَيَكُونُ قَدِ اقْتَرَنَ بِالدُّعَاءِ ضَرُورَةُ صَاحِبِهِ وَإِقْبَالُهُ عَلَى اللَّهِ، أَوْ حَسَنَةٌ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِجَابَةَ دَعْوَتِهِ شُكْرًا لِحَسَنَتِهِ، أَوْ صَادَفَ وَقْتَ إِجَابَةٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَأُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ، فَيَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّ السِّرَّ فِي لَفْظِ ذَلِكَ الدُّعَاءِ فَيَأْخُذُهُ مُجَرَّدًا عَنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الَّتِي قَارَنَتْهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّاعِي، وَهَذَا كَمَا إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلٌ دَوَاءً نَافِعًا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، فَانْتَفَعَ بِهِ، فَظَنَّ غَيْرُهُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذَا الدَّوَاءِ بِمُجَرَّدِهِ كَافٍ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ، كَانَ غَالِطًا، وَهَذَا مَوْضِعٌ يَغْلَطُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ». الداء والدواء (١٥/١).
وفي هذا اليوم المبارك تكون ساعة إجابة الدعاء، فلنكثر فيها من الدعاء بيقين جازم، ولنقدم طاعة أو عملاً صالحاً، عسى أن يستجيب المولى عز وجل لدعائنا.
ثم لنكثر في يومنا هذا من الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم..
شارك الفائدة وكن سببًا في إجابة دعاء أحبابك، فلعل دعوة يرجوها أحدهم، تكن سببًا في إجابتها..