
أبناؤنا فلذات أكبادنا، يبذل الواحد منا لأجلهم الغالي والنفيس، لأننا سنسأل عنهم يوم القيامة، ومن أعظم ما يعين على تربية الأبناء واستقامتهم، ارتباطهم بكتاب الله، لذا إليك أعظم ما يعين الأبناء على حب القرآن وتعلمه.
أولًا: لا تقُل لولدك: (حفظ القرآن) قلْ: (تعلُّم القرآن)، لماذا؟
لأن هذا لفظ الحديث: «خيرُكم من تعلَّمَ القرآنَ وعلّمه»، وهذا أثرٌ عظيم في فهم مشروع القرآن، إذا فهم ولدك أن المقصود هو تعلّم القرآن، فهو يشمل: (التلاوة - أحكام التلاوة - تثبيت القرآن - العلم بمعانيه، والاستقامة عليه والعمل به، وتعليمُه).
ثانيًا: احذر استعجالَ ثمرة تعلّم ولدك القرآن: فلا تحزن إن أطال ولدك في تعلّم سورة معينة، أو صعُب عليه حفظها ونطق كلماتها، بل أعلم أن صحبة ولدك للقرآن هي توطئة وتهيئة وتحبيب وتشجيع له، يعرف فيها ولدك قيمة القرآن، وستشعر أنت وهو بمنزلته في الهداية، وفضله وثوابُه، وحينها سيتعلم ولدك: لماذا نتعلم القرآن؟!
المطلوب هو: حُب القرآن، وفهمه، والشعور بقيمته كطريقٍ للهداية، والمواظبة عليه ولو بالقليل.
ثالثًا: لا تُقارن ولدَك بغيره أبدًا: لا تقارنْه بأخيه أو ابن عمّه أو جاره أو الأطفال الذين تشاهدهم على يوتيوب في مسابقات القرآن ولا غيرهم، تلك المقارنة مُفسدةٌ لك وله، يُمكن أن تُشجّعه برؤية مثل ذلك، لكن لا تقل له: فلان أحسن منك، أو أنت أحسن من فلان، لا تقل له: أنت خائب وكسلان وفاشل.. لا يمكنك أن تكون مثل فلان؟.... ونحو ذلك.. هذا كله خطأ، فلكل طفل مواهبه وطاقتُه وميوله،
رابعًا: ليس شرطًا أن يختم ولدك القرآن في عام، أو ثلاثة أعوام، أو حتى عشرة أعوام؛ بل ليس شرطًا أن يختمه، وإنما المهم أن يبقى في طلبه وتعلمه دائمًا، المهم أن تُعظّم فيه معاني وقصص وأخلاق ومواعظ القرآن، والعمل بما فيه، وأن يكون القرآنُ جزءًا من يومه، يهنأ به.
خامسًا: لا تحبِس ولدك على تعلُّم القرآن: فلا تحرمه من أن يعيش طفولته، بل دعه يلعب ويلهو مع أقرانه، فالقرآنُ رحلةُ عمرٍ، ومشوارُ حياةٍ، ليس هدفًا مؤقتًا يُنجَزُ ويُنصَرَفُ عنه، وإنما رفقة دائمة في حياته، فكما أن له موعد دائم مع القرآن كل يوم، دعه يعيش أيام طفولته كذلك، حتى يعلم أن القرآن لا يمنعه عن أي شيء يحبه أو يهواه.
سادسًا: نوِّعْ معه وقت القرآن: فهناك وقتُ التلاوة، وقتُ لضبط التلاوة، وقتٌ لقصص القرآن، وقتٌ للمراجعة، وقتٌ يُسمّع هو لك وأنت تقرآُ، وقت لمقرأة جماعية منزلية.. وهكذا.
سابعًا: لا تُعاقبْه بـ(ضربٍ أو سب أو حرمان من شيء كبير بسبب تقصيرِه في تعلم القرآن)، وإنما اجعلْ الطريقة عكسيّة: الترغيب والتحفيز بجوائز، أو فُسحة أو لعبة أو حكاية قصة أو مثل ذلك، من الممكن أن يكون هناك حرمان خفيف، أو إلزام أو شدة خفيفة، بعد أن يكون هناك تحفيز وتشجيع على الأداء الجيد، لكن احذر أن تبدأ معه بالشدة والضرب والحرمان.
فلا يصح أن تجعل القاعدة والأصل في تعلّم القرآن: الإلزام والإجبار والعقاب والحرمان،
هي أمور قد تحتاج إليها أحيانًا، لكنها ليست الأصل الذي يُصار إليه دائمًا.
ثامنًا: لا تجعلْ كتاب الله بالنسبة لولدك وسيلةً لصرف الأنظار إليه أو لدخول المسابقات أو المُباهاة أو للتفاخُر أو لتصدُّر المجالس: هذه نقطة جوهرية جدًا، وهو سبب فساد كثير من الأبناء للأسف، فنجد الأباء والأمهات يحرصون على مشاركة الأبناء في المسابقات والحفلات، من أجل إعجاب الجماهير، ويجعل معيار تقييمه لولده بتفاعل الجماهير معه وحصد الجوائز، والمخيف في هذا الأمر أن الولد بعد ذلك سيجعل هدفه فقط هذه المسابقات والحفلات لأجل حصد الجوائز وإعجاب الجماهير.
نحن لا نقول لا تجعل ولدك يشارك في المسابقات القرآنية، وإنما لا تجعل هدفه فقط هذه المسابقات، وعندما يفوز فيها ينبغي أن تذكره دائمًا بفضل الله وفضل القرآن عليه، وأنه كلما اهتم بالقرآن زاد رفعة في الدنيا والآخرة.
تاسعًا: لا تبخلْ بالنفقة على ولدك في تعليم القرآن: أنفقْ على تعليمه بما تستطيع وأرسله لشيخ مُتقن مُحترم يُعلمه كتاب الله وأحكامه وآدابه، وستجد بركة عجيبة بإذن الله في ولدك وبيتك ونفسك.
عاشرًا: ابدأ مع ولدك طريق القرآن بالمتاح لديك: فلا تنتظر الشيخَ المعلّم، ولا أنْ تُتم أنت القرآن، يمكنك أن تستعين بالنت والدروس المرئية ومصاحف المشايخ القراء، كالمصحف المُعلم وغيره.
أخيرًا: لا تُعلّمْ ولدك (أيًا كان عمره) آيةً إلا وتُعلمه معناها (ولو إجمالًا) بقدْر فَهْمِه، مع ذكر ما فيها من أحكام ومعانٍ وفوائد وقصص، وهذا من أعظم ما يشعر به ولدك بقيمة ما يقرأ وما يتعلمه.
شارك الفائدة مع أهلك وأحبابك وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وساهم بفهم وتعليم كتاب الله لأبنانا، عسى أن ينتفع به حامل للقرآن ويكن لك نصيب من كل حرف يقرأه....
المصدر:
مستفاد من مقال للشيخ حسين عبد الرازق، بعنوان (عشرة أمور تجنبها عند تعليم ولدك القرآن).