
لا شك أن الإنسان المؤمن الفطن هو الذي يتحين مواسم الطاعة وفرص الربح مع رب العالمين؛ لينهل منها ويفوز فيها أعظم الفوز.
ومن جميل رحمته سبحانه وعظيم كرمه أن جعل لنا مواسم للطاعة تتكرر كل عام، كشهر رمضان وليلة القدر، وعشر ذي الحجة، ويوم عرفة.
ومنها ما يتكرر كل يوم كالثلث الأخير من الليل، وما بين الأذان إلى الإقامة، والمكث في المصلى بعد الصلوات.
ومنها ما يتكرر كل أسبوع، كالسعي إلى المسجد يوم الجمعة، وساعة الإجابة يوم الجمعة، وهذه الساعة من حافظ عليها وأكثر من الدعاء فيها فهو الفائز بحق.
ومن عميم ثوابها وعظيم فضلها أن حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء فيها وسؤال المولى عز وجل.
وهناك ثلاثة أسباب يسيرة، من حصلها في يوم الجمعة، رزقه الله إجابة الدعاء، هذه الأسباب منها ما هو متعلق بالوقت، ومنها ما هو متعلق بالدعاء نفسه، ومنها ما هو متعلق بذكر يقال قبل الدعاء.
أما السبب المتعلق بالوقت:
فهو أن يلتمس الإنسان وقت إجابة الدعاء في يوم الجمعة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «في يوم الجمعة ساعة، لا يوافقها مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله خيرًا إلا أعطاه». وقال بيده، قلنا: يقللها، يزهدها . رواه البخاري (935) ومسلم (852). وفي رواية عبدالله بن سلام أنه قال: «قلت: أي ساعة هي؟ قال: آخر ساعات النهار». سنن ابن ماجه (1139).
وإذا اجتمع مع اليوم والساعة ان كان الشهر من الأشهر الحرم، كشهرنا هذا، شهر رجب الحرام، فهو خير ولا شك، ومن حرمة هذه الأشهر أن الأعمال فيها مضاعفة الجزاء، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يريد: تحفَّظوا على أنفسكم فيها واجتنبوا الخطايا، فإن الحسنات فيها تضاعف والسيئات فيها تضاعف"[الواحدي؛ الوسيط في تفسير القرآن المجيد:2/ 494].
وقال قتادة رحمه الله: "إن العمل الصالح والأجر أعظم في الأشهر الحرم، والذنب والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهنّ، وإن كان الظلم على كل حال عظيم، ولكن الله يعظم من أمره ما شاء كما يصطفي من خلقه صفايا"[ابن كثير؛ تفسير القرآن العظيم:1/ 148].
وأما السبب المتعلق بالذكر المصاحب للدعاء:
فقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفية جميلة ندعو بها كي يكون الدعاء مستجاب، فعن أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، علمني كلمات أدعو بهن.
قال: «تسبحين الله عشرًا، وتحمدينه عشرًا، وتكبرينه عشرًا، ثم سلي حاجتك، فإنه يقول: قد فعلت، قد فعلت». مسند أحمد (12207)، سنن النسائي (1299).
وأما السبب المتعلق بالدعاء نفسه:
فهو أن تدعو لأخيك بظهر الغيب، فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك، كلما دعا له بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل» صحيح مسلم (٢٧٣٢).
والملائكة عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ومن ثَمّ كان دعاؤهم أقرب للإجابة، فمن منا لا يرغب بالفوز بهذا الدعاء!
ولا ننسى كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم المبارك:
فعن أوس بن أبي أوس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي». مسند أحمد (16162)، سنن ابن ماجه (1085)، سنن أبي داود (1047)، بسند صحيح.
شارك الفائدة مع أحبابك، ولا تنس إخوانك بدعاء، واغتنم دعاء الملائكة لك.
أدخل السرور على أخيك واكتب دعاءك له بالتعليقات...