
كثير من المسلمين يشكو تعسر الحال وضيق ذات اليد ومحو البركة في الرزق، والرزق لا يفوت على المرء، لأن الله تعالى ضمن لنا الرزق قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} الذاريات:22] وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَو أَنَّ ابْنَ آدَمَ هَرَبَ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَهْرُبُ مِنَ الْمَوْتِ، لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ" (حسن) صَحِيح الْجَامِع: 5240.
ولم يدرِ أولئك أن لسعة الرزق مفاتيح وأسباب، هي بيد الله تعالى.{وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ السماوات والأرض} أي هو تعالى بيده مفاتيح الرزق يعطي من يشاء ويمنع عن من يشاء، ولا يملك أحدٌ أن يمنع فضل الله عن عباده، {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}.
فما هي مفاتيح الرزق؟
1- الاستغفار: قال تعالى:﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (١٢) ﴾ [نوح: 10-12].
قال القشيري «الاستغفار قرع باب الرزق، فإذا رجع العبد إلى الله بحسن تضرعه، فتح عليه أبواب رحمته، ويسر له أسباب نعمته» لطائف الإشارات (2/ 141).
وقال: «ليعلم العالمون: أن الاستغفار قرع أبواب النعمة، فمن وقعت له إلى الله حاجة فلن يصل إلى مراده إلا بتقديم الاستغفار» (3/ 636).
وقال ابن كثير «إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض » تفسير ابن كثير (8/ 233).
2- التفرغ لعبادة الله تعالى: وليس المقصود من التفرغ لطاعة الله تعالى ترك السعي لكسب العيش، ويمكث في المسجد ليل نهار، وإنما المقصود أن يظل قلبه موصولاً بالله تعالى في كل أحواله، فاليد تعمل والقلب مشغول بالله معتمد عليه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا ، يَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى ، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ ، وَإِنْ لَا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَكَ شُغْلًا ، وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ " . رواه الترمذي وحسنه (2466) وابن ماجه (4107) وصححه الألباني.
3- صلة الأرحام باب عظيم من أبواب الرزق. عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سره أن يُمدَّ له في عمره ويُوسَّع له في رزقه ويُدْفَعَ عنه مِيتةُ السُّوء فليتّق الله ولْيَصِلْ رَحِمَه"» مسند أحمد 1212 (ت أحمد شاكر وقال إسناده صحيح)
4- ثلاثة أعمال وعد الله تعالى أهلها بالرزق والكفاية في الدنيا، والجنة في الآخرة. عن أبي أمامة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ثلاثةٌ كلّهم ضامنٌ على الله إنْ عاش رُزِق وكُفِيَ، وإنْ ماتَ أدخلهُ الله الجنّةَ، مَن دخل بيته فسَلَّم، فهو ضامنٌ على الله، ومن خرج إلى المسجدِ فهو ضامنٌ على الله، ومَن خرجَ في سبيل الله فهو ضامنٌ على الله" صحيح الترغيب والترهيب (1/ 248).
5- العطف على الضعفاء والفقراء. قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] فمن أنفق فقد وعده الله بحصول البدل، وقال في الحديث القدسي (أنفق أنفق عليك) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام لبلال: (أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً) (صحيح) مشكاة المصابيح 1885، فهذا وعد بالإخلاف وبالتعويض، فمن أتى بالشرط أتاه البدل. عن أنس بن مالك، قال: كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يحترف، فشكا المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لعلك ترزق به»: سنن الترمذي وقال حسن صحيح 2345 وقال الألباني: صحيح. شارك ولك الأجر.