مدونة المصلي >> إيمانيات

مظاهر نصرة الله لعباده

مظاهر نصرة الله لعباده
2023‏/11‏/16
41٬049

﴿‌إِنَّا ‌لَنَنْصُرُ ‌رُسُلَنَا ‌وَالَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌فِي ‌الْحَيَاةِ ‌الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) ﴾ [غافر: 51] 
قد عُلم أن بعض الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، قتله قومه بالكلية كيحيى وزكريا، ومنهم من خرج من بين أظهرهم إما مهاجرًا كإبراهيم، وإما إلى السماء كعيسى، فأين النصرة في الدنيا؟ أجاب العلماء عن ذلك بجوابين:
أحدهما: أن يكون الخبر خرج عامًا، والمراد به البعض، وهذا سائغ في اللغة.
الثاني: أن يكون المراد بالنصر الانتصار لهم ممن آذاهم، وسواء كان ذلك بحضرتهم أو في غيبتهم أو بعد موتهم، كما فعل بقتلة يحيى وزكريا، سلط عليهم من أعدائهم من أهانهم وسفك دماءهم.
وقد ذكر أن النمروذ أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وأما الذين راموا صلب المسيح، عليه السلام، من اليهود، فسلط الله عليهم الروم فأهانوهم وأذلوهم، وأظهرهم الله عليهم.
ثم قبل يوم القيامة سينزل عيسى ابن مريم إمامًا عادلاً وحكمًا مقسطًا، فيقتل المسيح الدجال وجنوده من اليهود، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام.
وهذه نصرة عظيمة، وهذه سنة الله في خلقه في قديم الدهر وحديثه: أنه ينصر عباده المؤمنين في الدنيا، ويقر أعينهم ممن آذاهم.
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله تعالى: من عادى لي وليًا فقد بارزني بالحرب»؛ ولهذا أهلك تعالى قوم نوح وعاد وثمود، وأصحاب الرس، وقوم لوط، وأهل مدين، وأشباههم وأضرابهم ممن كذب الرسل وخالف الحق. وأنجى الله من بينهم المؤمنين، فلم يهلك منهم أحدًا وعذب الكافرين، فلم يفلت منهم أحدًا.
قال السدي: لم يبعث الله رسولًا قط إلى قوم فيقتلونه، أو قومًا من المؤمنين يدعون إلى الحق فيقتلون، فيذهب ذلك القرن حتى يبعث الله لهم من ينصرهم، فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا.
قال: فكانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا، وهم منصورون فيها.
وهكذا نصر الله سبحانه نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه على من خالفه وناوأه، وكذبه وعاداه، فجعل كلمته هي العليا، ودينه هو الظاهر على سائر الأديان.
وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة النبوية، وجعل له فيها أنصارًا وأعوانًا، ثم منحه أكتاف المشركين يوم بدر، فنصره عليهم وخذلهم له، وقتل صناديدهم، وأسر سراتهم، فاستاقهم مقرنين في الأصفاد، ثم منّ عليهم بأخذه الفداء منهم، ثم بعد مدة قريبة فتح عليهم مكة، فقرت عينه ببلده، وهو البلد المحرم الحرام المشرف المعظم، فأنقذها الله به مما كان فيها من الشرك والكفر، وفتح له اليمن، ودانت له جزيرة  العرب بكمالها، ودخل الناس في دين الله أفواجًا.
ثم قبضه الله تعالى، إليه لما له عنده من الكرامة العظيمة، فأقام الله أصحابه خلفاء بعده، فبلغوا عنه دين الله، ودعوا عباد الله إلى الله، وفتحوا البلاد والأقاليم والمدائن والقرى والقلوب، حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها.
ثم لا يزال هذا الدين قائمًا منصورًا ظاهرًا إلى قيام الساعة؛ ولهذا قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51]، أي: يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل. قال مجاهد: الأشهاد: الملائكة.
المصدر: تفسير ابن كثير (7/ 151) بتصرف.
 

بحث

الأكثر تداولاً

مقالات متعلقة

2023‏/11‏/08
469٬637

دروس وعبر من يوم الأحزاب

كان يوم الخندق أو يوم الأحزاب من أحسم المعارك في تاريخ أمة الإسلام، وكانت ابتلاءً واختبارًا، وتمييزًا بين المؤمنين والمنافقين، وكانت مليئة بالدروس والعبر، ويكمن فيها سر النصر على الأعداء.

مع تطبيق المصلي تعرف على المساجد القريبة أينما كنت بمنتهى الدقة

حمل المصلي الآن

مدار للبرمجة © 2022 جميع الحقوق محفوظة لشركة مدار البرمجة