
ليلة 27 من رمضان هي أرجى ليالي العشر عند الجمهور العلماء والعامَّة، أن تكون ليلةَ القدر!
فقد روى البخاري ومسلم في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كلِّ وتر).
وقد خصَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذِّكر، فيما روى الإمام مسلمٌ في صحيحه عن زر بن حبيش، أنه سمع أبيّ بن كعب يقول عن ليلة القدر: (والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين).
والحريص هو الذي يقوم الليالي كلها، ولا يحرم نفسه من الأجر الجزيل، مهما كان القول، لأن الأقوال مختلفة، وأدلتها قوية، قريبة من التكافؤ. ونحن أفقر من أن نفرّط في ثوابٍ ليلة واحدة، هو ثوابٌ خيرٌ من ثواب ألف شهر من العبادة، والعمل محتمل، بل: قليل! وما بقي إلا القليل!
فاغتسلوا وتطيبوا، وجملوا مكان صلاتكم، وتهيأوا لاستقبال الملائكة، فرحين مستبشرين.
في باقي ليالي العشر، وفي الوتر منه، وفي هذه الليلة خاصة، فإن تك ليلة القدر ثابتة، فهي هذه الليلة والله أعلم.
قال ابن رجب في لطائف المعارف: "واختلف في ليلة القدر والحكمة في نزول الملائكة في هذه الليلة: إن الملوك والسادات لا يحبون أن يدخل دارهم أحد حتى يزينون دارهم بالفرش والبسط ويزينوا عبيدهم بالثياب والأسلحة فإذا كان ليلة القدر أمر الرب تبارك وتعالى الملائكة بالنزول إلى الأرض، لأن العباد زينوا أنفسهم بالطاعات بالصوم والصلاة في ليالي رمضان ومساجدهم بالقناديل والمصابيح، فيقول الرب تعالى: أنتم طعنتم في بني آدم وقلتم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30] الآية فقلت لكم: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] اذهبوا إليهم في هذه الليلة حتى تروهم قائمين ساجدين راكعين لتعلموا أني اخترتهم على علم على العالمين" انتهى.
فأكثروا في هذه الليلة من الدعاء، واطلبوا من الله كل ما ترجون. اللهم وفقنا الله لقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا.