
إن ليلة القدر هي أعظم ليلة في عمر الإنسان كله، فهي خير من ألف شهر، وهي ليس لها موعد محدد أو ليلة بعينها، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "لَيْلَةُ الْقَدْرِ مُنْحَصِرَةٌ فِي رَمَضَان ، ثُمَّ فِي الْعَشْر الْأَخِيرِ مِنْهُ ، ثُمَّ فِي أَوْتَارِهِ ، لَا فِي لَيْلَةٍ مِنْهُ بِعَيْنِهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَجْمُوع الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِيهَا".
فينبغي للمسلم أن يحرص على الاجتهاد في العشر الأواخر كلها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .
"فلا نعلم في الشريعة دليلاً على أنه إذا وافقت ليلة الجمعة ليلة وتر ، فإنها تكون ليلة القدر ، وعليه : فلا يجزم بذلك ولا يعتقد صحته، والمشروع هو الاجتهاد في ليالي العشر كلها ؛ فإن من فعل ذلك ، فقد أدرك ليلة القدر بيقين ، والله أعلم ".
لكن لا بأس بأن يستأنس المسلم ببعض الدلالات التي تعينه وتحفزه لقيام ليال العشر، أملًا أن يحصل ليلة القدر، والليلة التي نعيشها هذه هي واحدة من أرجى ليالي الدنيا لوقوع ليلة القدر فيها، وكذا كونها إحدى أوتار السبع.
وثمة قول عند جماعة من العلماء أن القرآن الكريم نزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخامس والعشرين .. ثم نزل بعدها على النبي صلى الله عليه وسلم متفرقًا.
لو أضفنا لذلك كونها ليلةَ وترٍ صادفت ليلة الجمعة الوحيدة الواقعة في العشر هذا العام= لتقوى الاحتمال جدًا.
فهذه الليلة من هذا العام لها مزية خاصة واحتمال وقوع القدر فيها يتجه وبقوة.
ونقل ابن رجب الحنبلي رحمه الله عن ابن هبيرة فقال رحمه الله - ناقلاً عن ابن هبيرة رحمه الله - : «وإن وقع في ليلة من أوتار العشر ليلة جمعة ، فهي أرجى من غيرها».
لذا استعد لهذه الليلة من الآن، وأن تسأل الله طول يومك وفي سجودك وساعة فطرك أن يعينك ويوفقك لقيامها.
واستجمع قلبك واصرف نفسك عن كل ما يشتت ذهنك وفؤادك وفرغ نفسك الليلة، وتعامل مع الليلة هذه بجدية تامة.
واستدع دعواتك من رقدة الغفلة واكتبها وأقبل على ربك بكل همومك وأحزانك؛ فإن الموقف موقف عطاء لا تحيط به العقول.
المصادر:
فتح الباري .(4/260)
لطائف المعارف لابن رجب (203) .