مع كثرة مشاغل الحياة وتراكم المشاكل على الإنسان في يومه، ينشغل باله بهذه المشاكل، وتتكدر نفسه أحياناً بسبب مشاكلها، فيجد قلبه قد أهمته الدنيا، فيجد نفسه يريد من يمد إليه يد العون كي ينتشله مما هو فيه.
ولنا في سول الله ﷺ أسوة حسنة، فهو ﷺ أعظم من واجه مشاكل الحياة، وكان يدير شؤون أمة بأكملها، وكان أكمل الناس عبادة وأكملهم خلقاً وأكملهم طاعة لله عز وجل، والمولى عز وجل هو الذي وجهه ﷺ لكيفية مواجهة مصاعب الحياة.
قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلَّى، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلَّى». سنن أبي داود (1319).
وكان هذا هو دأب أنبياء الله، فعن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما حكاه عن نبي من الأنبياء السابقين، وفيه: أن هذا النبي استشار قومه، فقالوا: أنت نبي الله نَكِلُ ذلك إليك، فَخِرْ لنا، قال: «فقام إلى صلاته»، قال: «وكانوا يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة». مسند أحمد (18937).
والنبي ﷺ في أحلك الظروف والمواقف، وفي حالة الحرب، والعدو بعدته وعتاده يفوق المسلمين، فإذا بالنبي ﷺ يفز إلى الصلاة، فقد روى الإمام أحمد في مسنده بسند جيد عن عليٍّ في يوم بدر قال: «ولقد رأيتُنا وما فينا إلا نائم، إلاّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرةٍ يُصلي ويبكي حتى أصبح». صحيح ابن حبان (2257).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: «فإذا رأى أحدُكم ما يكره؛ فليقُم فليُصلِّ» صحيح مسلم (2263)
وهذا إبراهيم الخليل عليه السلام لما حصل له ما حصل من أخذ الملك لزوجته سارة، فزع إلى الصلاة، فقام إبراهيم يصلي، طيلة فترة غياب الزوجة عنه وهو في صلاته، وهذه من أسوأ الفترات التي يمكن أن تمر بالإنسان، وليس عنده قوةً لكنه كان يأوي إلى ركنٍ شديد وهو الله عز وجل، فنجا الله له زوجته سارة.
ويقول المولى عز وجل:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 97، 98]
فأعظم أسباب صلاح البال وراحة النفس وطمأنينة القلب الانشغال بالصلاة!
شارك هذا المقال
