
علاقة الرياء بالعبادة على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يكون غايته من عبادته وأدائه الطاعة هو أن يرائي الناس، كمثل شخص قام يصلي لأجل أن يقول اللناس أنه مصلي، فهذا المصلي يريد بصلاته ثناء الناس عليه، ويسعى لمدح الناس له في صلاته، وهذا الرياء مبطل للعبادة.
النوع الثاني: أن يدخل الرياء على العبادة بعد بدايتها، بحيث يكون ابتداء العبادة خالصًا لوجه الله تعالى، ثم يطرأ عليه الرياء أثناء عبادته، كإنسان فعل طاعة ابتغاء وجه الله، ثم وجد أن هناك من ينظر إليه، فوسوس له الشيطان أن يُحسنها ويجملها كي يعجبهم مثلاً، فهذا بدأ الطاعة مخلصًا ثم تطرق إليها الرياء، ففي هذه الطاعة لا يخلو أمرها من حالين:
الحالة الأولى: أن يكون أول الطاعة غير مرتبط بآخرها، فيكون بدايتها صحيحًا وآخرها باطلاً.
مثال للتوضيح: رجل أراد أن يتصدق بمبلغ من المال، فتصدق بنصفه صدقةً خالصةً، ثم دخل عليه الرياء لأجل أن يرى الناس أنه منفق جواد في النصف الباقي، هنا تكون الصدقة الأولى صدقة مقبولة، والصدقة الثانية صدقة باطلة؛ لدخول الرياء عليها ومخالطته الإخلاص.
الحالة الثانية: أن يكون أول الطاعة مرتبط بآخرها، وهنا يكون للمسلم مع الطاعة نوعين من التعامل:
التعامل الأول: أن يحاول إبعاد الرياء وعدم التفاعل معه أو الركون إليه أو الفرح به؛ بل يستعيذ بالله منه ويكره الرياء: وهذا بإذن الله تعالى طاعته صحيحة مقبولة ولا يؤثر الرياء على طاعته؛ لقوله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ، أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ». صحيح البخاري (6664).
التعامل الثاني: أن يركن إلى الرياء ويحبه لحظة مخالطته لطاعته، فهنا – أعاذنا الله وإياكم – تبطل طاعته كلها؛ لأنها مرتبطة ببعضها، أولها بآخرها، وقد دخل الرياء عليها واطمئنت له النفس وفرحت به.
مثال للتوضيح: مصلي بدأ الصلاة خالصًا لوجه الله تعالى، ثم دخل الرياء على المصلي في الركعة الثانية، واستطرد هو الرياء وفرح بكون صلاته طويلة وصوته حسن والناس معجبون بصلاته، فهنا تصبح الصلاة كلها باطلة لارتباط أولها بآخرها .
النوع الثالث: أن يدخل الرياء على العبادة بعد انتهائها، وهنا لا يؤثر الرياء إطلاقًا على العبادة؛ لأنها تمت وانقضت صحيحة ولله الحمد، فلا أثر للرياء عليها إطلاقًا.
أمور شائعة ليست من الرياء:
أولاً: فرح الإنسان بمعرفة الناس بعبادته وحُسن طاعته، ليس من الرياء؛ لأنه هذا الفرح جاء بعد إتمامه الطاعة.
ثانيًا: فرح الإنسان بطاعته وتوفيق الله له في أدائها، ككون المصلي يقوم الليل كل يوم، أو مواظب على ختم القرآن، وغير ذلك من الطاعات، فهذا الفرح بالطاعة ليس من الرياء؛ بل هو دليل على الإيمان؛ لقوله ﷺ: «مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ». سنن الترمذي بسند صحيح (2165).
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» صحيح مسلم (4/ 2034).
للاستزادة:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين: (2/29).