
يجوز الجمع بين الصلاتين في ثمان حالات:
إحداها : المسافر، أي يباح له قصر الرباعية، بأن يكون السفر غير مكروه ولا حرام .
والحالة الثانية : المريض يلحقه بتركه مشقة وضعف ؛ وقد ثبت جواز الجمع للمستحاضة وهي نوع مرض.
والحال الثالثة : المرضع، لمشقة تطهيرها لكل صلاة.
والحال الرابعة : ( لعاجز عن الطهارة ) بالماء ( أو التيمم لكل صلاة ) ، لأن الجمع أبيح للمسافر والمريض للمشقة، والعاجز عن الطهارة لكل صلاة في معناهما .
الحال الخامسة : العاجز عن معرفة الوقت كأعمى.
والحال السادسة : المستحاضةٍ ونحوها، كصاحب سلس بول أو مذي أو رعاف دائم ونحوه ، لما جاء في حديث حمنة حين استفتت النبي صلى الله عليه وسلم في الاستحاضة، حيث قال فيه : ( فإن قويتِ على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين ثم تصلين الظهر والعصر جميعا , ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين : فافعلي ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، ومن به سلس البول ونحوه في معناها .
والحال السابعة والثامنة: من له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، كخوف على نفسه أو حرمته أو ماله، أو تضرر في معيشة يحتاجها بترك الجمع ونحوه.
وهذه الأعذار تبيح الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .
وهناك أعذار تبيح الجمع بين المغرب والعشاء خاصة ، وهي ستة ، بينها بقوله:
"ويجوز الجمع بين العشاءين ، لمطرٍ يبل الثياب، أو يبل النعل أو البدن، وتوجد معه مشقة روى البخاري بإسناده أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة " وفعله أبو بكر وعمر وعثمان.
ويجوز الجمع بين العشاءين دون الظهرين ( لثلج وبرد ) لأنهما في حكم المطر .
ويجوز الجمع بين العشاءين لـ ( جليد ) لأنه من شدة البرد ( ووحل وريح شديدة باردة ) .
ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يجمع بين الظهرين أيضا لهذه الأعذار ، إذا وجدت المشقة.
قال رحمه الله : " القول الصحيح في هذه المسألة : أنه يجوز الجمع بين الظهرين لهذه الأعذار ، كما يجوز الجمع بين العشاءين ، والعلة هي المشقة ، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع " انتهى من "الشرح الممتع" (4/393).
وقال رحمه الله : " إذا اشتد البرد ، مع ريح تؤذي الناس : فإنه يجوز للإنسان أن يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) وهذا يدل على أن الحكمة من مشروعية الجمع إزالة المشقة عن المسلمين ، وإلا فإنه لا يجوز الجمع . والمشقة في البرد إنما تكون إذا كان معه هواء وريح باردة ، وأما إذا لم يكن معه هواء فإن الإنسان يتقي البرد بكثرة الملابس ولا يتأذى به ، ولهذا لو سألنا سائل : هل يجوز الجمع بمجرد شدة البرد ؟ لقلنا : لا يجوز ، إلا بشرط أن يكون مصحوباً بريح باردة تؤذي الناس ، أو إذا كان مصحوباً بنزول الثلج ، فإن الثلج إذا كان ينزل فإنه يؤذي بلا شك ، فحينئذ يجوز الجمع ، أما مجرد البرد فليس بعذر يبيح الجمع ، فمن جمع بين الصلاتين لغير عذر شرعي ، فإنه آثم وصلاته التي جمعها إلى ما قبلها غير صحيحة ، وغير معتد بها ، بل عليه أن يعيدها. وإذا كان جمع تأخير : كانت صلاته الأولى في غير وقتها ، وهو آثم بذلك . هذه المسألة أحببت أن أنبه عليها؛ لأن بعض الناس ذكروا لي أنهم جمعوا قبل ليلتين من أجل البرد ، بدون أن يكون هناك هواء يؤذي الناس ، وهذا لا يحل لهم " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (18/1).
راجع: "كشاف القناع" للبهوتي (2/5) :