
الشك: هو التردد بين الأمرين المحتملين.
ومن شكّ بعد السلام فلا يلتفت إلى هذا الشكّ، كمن صلى الظهر وأتمّها ثمّ شكّ بعد الانتهاء من الصلاة: أصلاّها ثلاثًا أم أربعًا، فلا يلتفت إلى هذا الشكّ إلا بدليل ويقين، أي إلا إذا تيقن وتأكد أنه صلى ثلاثًا فقط، وإلا كان فتحًا لباب الوسوسة والزيادة في العبادة.
وأما من شكّ أثناء الصلاة فإنه لا يخلو من حالتين:
الأولى: أن يمكنه التحرّي والترجيح بغلبة الظنّ، فيعمل بما غلب على ظنّه ويسجد للسهو بعد السلام، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلّى فزاد أو نقص ( كما شكّ أحد الرواة ) فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ» قَالَ: «وَمَا ذَاكَ» قَالُوا: «صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا» فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ» صحيح البخاري (401) صحيح مسلم (572).
الثانية: أن لا يغلب على ظنّه أحد الأمرين، فيبني على الأقلّ، ويسجد قبل السلام، كمن صلى الظّهر وشكّ أثناء صلاته أصلاّها ثلاثًا أم أربعًا ولم يترجّح لديه شيء، فإنّه يبني على الأقلّ وهو الثلاث، ويأتي بركعة ثم يجلس للتشهد ويسجد للسهو قبل أن يسلّم، فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاتَهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ». صحيح مسلم (571).
ومعنى ترغيمًا للشيطان أي: إغاظة له وإذلالاً وردّه خاسئًا عن مراده بالتلبيس على المصلّي. النووي على صحيح مسلم (5/60).